ببياض اليوم ونحوه ممّا ورد في تلك الأخبار. ودعوى ظهور الحديث في الحوالة على ذلك في حيّز المنع ، فإنّ الاستبعاد إذا ارتفع بنفس الحديث فأيّ حاجة إلى الاستعانة بالغير في رفعه مع تسليم اختلاف المورد ، والبناء على التنظير لا يقتضي التوافق من كلّ وجه حتّى يكون الاكتفاء بمطلق الشاغل هناك دليلا على الاكتفاء به هنا ، ومن الجائز أن يكون المراد أنّه إذا ثبت وجوب القصر في السير الممتدّ بالقدر الّذي يشغل اليوم وإن قطع في أيّام فلا استبعاد في وجوبه به في المطلق إذا قطع في يوم واحد فإنّ هذا أبلغ في رفع الاستبعاد مع رعاية النظير وعدم الخروج عن الظاهر.
والوجه بقاء شغل اليوم على ظاهره من الشغل بالفعل ليكون أصلا مستقلاّ في التلفيق وإن كان المدار في غيره على الأعمّ ، فإن أمكن معه مراعاة التنظير كما صوّرنا وإلاّ منعنا اعتباره في رفع الاستبعاد ، وقد يوهن اعتباره دخول المقصود في المعنى المراد ب «اليوم» هنا ، فإنّ المراد به على تقدير الفعلية ما يسع الذهاب إليه والعود فيه والمكث فيه مقداراً يفي بالغرض الّذي سافر لأجله وهو قدر معتدّ به من الزمان في الغالب وإن اختلف طولا وقصراً بحسب اختلاف الأعراض والمطالب بخلاف اليوم المعتبر في المسافة الامتدادية فإنّ المقصود خارج عنه قطعاً ، وقد دلّت الأخبار على أنّ الاعتبار فيه بسير الجمال والإبل القطار (١) ، واستفاد الأصحاب منها اعتدال المسير واعتدال النهار (٢) لينطبق على التحديد بالبريدين والفراسخ والأميال أو يقاربها ، فلو كان اليوم في السير الملفّق موكولا إلى ذلك لا نطبق على أصل المسير وما يتفق معه من نحو الصلاة والأكل والشرب وغيرها من الأُمور المشتركة بينه وبين المسير الامتدادي وخرج عنه زمان اللبث في المقصود مع القطع بدخوله على هذا التقدير ، فأحد الأمرين لازم إمّا أن يراد باليوم فيه ما يعمّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب صلاة المسافر ح ٢ و ٣ ج ٥ ص ٤٩١.
(٢) منهم الشهيد الأوّل في الدروس الشرعية : في السفر ج ١ ص ٢٠٩ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٣٩ ، والعاملي في مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٣١.