دون تأثير لهذا المسير ، وصيغة الإفراد تحتمل مع ذلك النهي والنفي والبناء للمعلوم وللمجهول لكن ذلك على تقدير الغيبة.
والترديد في قوله : «ويلهم أو ويحهم» من الراوي ، واختلف في معناهما ، فقال الجوهري (١) وابن الأثير (٢) وصاحب «القاموس (٣)» وغيرهم (٤) «ويل» كلمة عذاب و «ويح» كلمة رحمة ، وعليه ورد الاستعمال الكثير الشائع ، وربّما استعمل كلّ منهما بمعنى الآخر. وقيل (٥) : هما بمعنى واحد فيكونان للذمّ والدعاء بالعذاب. وعن سيبويه (٦) : «ويح» زجر لمن أشرف على الهلكة و «ويل» لمن وقع فيها ، وقد يجيء «ويح» للمدح والتعجّب ومنه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : ويح ابن عبّاس كأنّه ينظر إلى الغيب من وراء ستر خفي. ومن الترحّم قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عمّار : ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية. وروي «ويس ابن سمية» وهو بمعنى «ويح» كما أنّ «ويباً» بمعنى «ويل». والأصل في الجميع «وي» أُلحق بها اللام والحاء والسين والياء (٧).
و «ويح» هنا تحتمل الوجوه عدا المدح ، وعلى الاحتمالات فمقتضاها المنع من الإتمام والردع عنه. وقد يظنّ أنّها إذا كانت للترحّم دلّت على الرخصة وهو وهمٌ فاسد ، فإنّ المقصود التلهّف والتحسّر على ما فاتهم من الحقّ والترحّم فيه من رحمة العالم للجاهل ومعناه التخطئة لا التصويب.
وقوله (عليه السلام) «أيّ سفر أشدّ منه» إمّا أن يراد به أنّه من أشدّ الأسفار لاشتماله على التكاليف والمشاقّ فيدلّ على اعتبار الرجوع ، أو أنّه سفر كسائر الأسفار فإنّ
__________________
(١) الصحاح : ج ٥ ص ١٨٤٦ مادّة «ويل» وج ١ ص ٤١٧ مادّة «ويح».
(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٥ ص ٢٣٦ مادّة «ويل» ، وج ٥ ص ٢٣٥ مادّة «ويح».
(٣) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٦٧ مادّة «الويل» ، وج ١ ص ٢٥٦ مادّة «ويح».
(٤) مجمع البحرين : ج ٥ ص ٤٩٦ مادّة «ويل» ، وج ٢ ص ٤٢٥ مادّة «ويح».
(٥) نقل القيل الجوهري في الصحاح : ج ١ ص ٤١٧ مادّة «ويح».
(٦) نقله عنه الطريحي في مجمع البحرين : ج ٢ ص ٤٢٥ مادّة «ويح».
(٧) راجع النهاية لابن الأثير : ج ٥ ص ٣٣٥ «باب الواو مع الياء» ، والطريحي في مجمع البحرين : ج ٢ ص ٤٢٥ مادّة «ويح».