مكّة إذا قصدوا زيارة البيت ورجعوا إليها لإتمام المناسك أتمّوا الصلاة ، سواء زاروا البيت أم لم يزوروا ، وسواء دخلوا منازلهم الّتي هي دورهم ومساكنهم أم لم يدخلوا ، وليس المراد توقّف الإتمام على حصول الزيارة ودخول المسكن ، للإجماع على انقطاع السفر بدخول المنزل وعدم توقّفه على زيارة البيت ، ولأنّ الإتمام في المسجد جائز للمسافر على الأظهر الأشهر فكيف بالحاضر ، ولأنّ الظاهر رجوع حكم التمام للمسافر بالوصول إلى حدّ الترخّص فضلا عن البلد. ولعلّ المراد بالمنزل هنا ما يشمل البلد وحدوده القريبة منه توسّعاً ، لكثرة استعماله في المعنى الأعمّ عرفاً. وقصد الزيارة وإن لم يكن شرطاً في الإتمام كنفس الزيارة إلاّ أنّه توطئة لقوله «ورجعوا إلى منازلهم» والمراد التنصيص على وجوب الإتمام عليهم إذا رجعوا بهذا القصد وإن وجب في غيره أيضاً ، وفي الحديث الآتي ما يشعر بذلك.
وما رواه الشيخ (١) في الصحيح الواضح والكليني (٢) في الصحيح على الأصحّ عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ أهل مكّة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتمّوا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصّروا» وتوجيه الحديث معلوم ممّا سبق.
وما رواه الشيخ (٣) والصدوق (٤) في الصحيح والكليني (٥) مرسلا عن معاوية بن عمّار قال قلت. لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ أهل مكّة يتمّون الصلاة بعرفات؟ قال : ويلهم ـ أو ويحهم ـ أيّ سفر أشدّ منه لا تتمّ. وروي «لا يتمّوا» والصيغة والمعنى على الثاني نهي أهل مكّة عن الإتمام بعرفات وعلى الأوّل نهي غيرهم عن مثله أو عنه إذا انقطع سفرهم بالإقامة أو نحوها ، أمّا بدونه فالتقصير ثابت باستمرار السفر من
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ب ٢٦ في الزيادات في فقه الحجّ ح ٣٨٩ ج ٥ ص ٤٨٨.
(٢) الكافي : كتاب الحجّ في الصلاة في مسجد منى ... ح ١ ج ٤ ص ٥١٨.
(٣) تهذيب الأحكام : ب ٢٣ في الصلاة في السفر ح ١٦ ج ٣ ص ٢١٠.
(٤) من لا يحضره الفقيه : في صلاة المسافر ح ١٣٠١ ج ١ ص ٤٤٧.
(٥) الكافي : كتاب الحجّ في الصلاة في مسجد منى ح ١٥ ج ٤ ص ٥١٩.