من أوّل الأمر ، لأنّ شرط الترخّص هو العزم على مطلق المسافة والاستمرار على ذلك العزم وهما حاصلان هنا على تقديري الذهاب والرجوع في ضمن الثمانية الذهابية أو الملفّقة ، ولا يقدح العدول من إحداهما إلى الأُخرى كما لا يقدح العدول من مسافة ذهابية إلى الأُخرى مثلها.
وما ذهب إليه بعضهم (١) من اشتراط العزم على مسافة مشخّصة بناءاً على أنّ ذلك هو المعهود من أرباب القصود مردود بأنّ الثابت بالنصوص (٢) وكلام الأصحاب (٣) هو اشتراط العزم على المسافة الكلّية لا الشخصية ، والتردّد بين الطرق والعدول من طريق إلى طريق أمر معهود كثير الوقوع من أرباب القصود ، ومتى تحقّقت المسافة بالثمانية الملفّقة كما هو رأي المعظم (٤) جاز التردّد بين مسافتين ملفّقتين والعدول من إحداهما إلى الأُخرى ومن الملفّقة إلى الذهابية وبالعكس كما دلّ عليه النصّ والحكم جار فيه على قواعد الأصحاب. وقد صرّح الشيخ في «النهاية (٥)» على هذا الفرع ، ودلّ حديث المروزي المتقدّم (٦) على أنّ المتردد أو ناوي الرجوع يقصّر إذا رجع وقد ذهب في سيره بريداً ، وروى الشيخ في الصحيح عن أبي ولاّد (٧) ما يدلّ على ذلك في ناوي الرجوع ، ومعلوم أنّ الحكم في ناوي الرجوع ومنتظر الرفقة من باب واحد.
__________________
(١) الدروس الشرعية : في صلاة المسافر ج ١ ص ٢٠٩.
(٢) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب صلاة القصر ج ٥ ص ٥٠٣.
(٣) منهم السيّد الطباطبائي في رياض المسائل : في شرائط القصر ج ٤ ص ٤١٤ ، والبحراني
في الحدائق الناضرة : في صلاة القصر ج ١١ ص ٣٢٧ ، والسيّد في مدارك الأحكام : في
صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٣٩.
(٤) منهم السيّد الطباطبائي في رياض المسائل : في شرائط القصر ج ٤ ص ٤١٠ ، والبحراني
في الحدائق الناضرة : في صلاة القصر ج ١١ ص ٣٢٥ ، والكاشاني في مفاتيح الشرائع : في
المسافة المعتبرة في القصر ج ١ ص ٢٥.
(٥) النهاية : في صلاة السفر ص ١٢٢.
(٦) تقدّم في ص ٣٥٨ ـ ٣٥٩.
(٧) تهذيب الأحكام : ب ٢٣ في صلاة السفر ح ٦٢ ج ٣ ص ٢٢١.