رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.
فبكى أبو ذرّ ، عند ذلك. فقال : ويلكم! كلّكم قد مدّ عنقه إلى هذا المال ، ظننتم أنّى أكذب على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.
ثمّ نظر إليهم. فقال : من خيركم (١)؟
فقالوا : أنت تقول إنّك خيرنا.
قال نعم! خلّفت حبيبي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في هذه الجبّة ، وهي عليّ بعد. (٢) وأنتم قد أحدثتم أحداثا كثيرة. والله سائلكم عن ذلك. ولا يسألنى.
فقال عثمان : يا أبا ذر! أسألك بحقّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلا ما أخبرتني عن شيء أسألك عنه.
فقال أبو ذر : والله لو لم تسألني بحقّ محمّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أيضا ، لأخبرتك.
فقال : أيّ البلاد أحبّ إليك أن تكون فيها؟
فقال : مكّة حرم الله وحرم رسوله. أعبد الله فيها ، حتّى يأتينى الموت.
فقال : لا! ولا كرامة لك.
قال : المدينة حرم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.
قال : لا. ولا كرامة لك.
قال (٣) : فسكت أبو ذرّ.
فقال عثمان : أيّ البلاد أبغض إليك أن تكون فيها؟
قال : الرّبذة الّتي كنت فيها على غير دين الإسلام.
فقال عثمان : سر إليها.
فقال أبو ذرّ : قد سألتني ، فصدقتك. وأنا أسألك ، فأصدقني.
قال : نعم! قال : أخبرني لو بعثتني في بعث من أصحابك إلى المشركين ، فأسروني ، فقالوا لا نفديه إلّا بثلث ما تملك.
__________________
(١) المصدر : فقال من خيركم؟ فقالوا : من خيرنا؟ فقال : أنا.
(٢) المصدر : وهو عنّي راض.
(٣) ليس في المصدر.