والوجه الأوّل من تعليليه ضعيف. لأنّ الإضمار لا يقتضي عدم الاستقلال. فتأمّل.
(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ) : راكب سفر ، أي : مسافرين ، (وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً ، فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) ، أي : فالّذي يستوثق رهان ، أو فعليكم رهان ، أو فليؤخذ رهان.
وظنّ مجاهد والضّحّاك ، أنّ هذا التّعليق لاشتراط السّفر في الارتهان. [وليس كما ظنّا. بل الظّاهر أنّه لإقامة التّوثّق بالارتهان] (١) مقام التّوثّق بالكتب في السّفر الّذي هو مظنّة الإعواز.
وبعضهم استدلّ بالآية ، على أنّ القبض بالمعنى الأخصّ ، معتبر في الرّهن. وفيه أنّه يحتمل أن يكون ذكر القبض واردا في الآية ، على ما هو اكثر موارده ، على أنّه يحتمل أن يكون المراد بالقبض ، ما يشمل عدم جواز تصرّف الرّاهن ، بدون إذن المرتهن فيه.
وما رواه العيّاشيّ (٢) : في تفسيره «عن محمّد بن عيسى ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لا رهن إلّا مقبوض (٣)» محمول على هذا المعنى.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : فرهن ، كسقف. وكلاهما جمع رهن ، بمعنى مرهون ، وقرئ بإسكان الهاء ، على التّخفيف.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) ، أي : عدّ بعضكم البعض الآخر أمينا ، واستغنى بأمانته عن الكتبة والارتهان ، (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) ، أي : دينه.
سمّاه «أمانة» ، لائتمانه عليه بترك الارتهان. ويحتمل أن يكون المراد بالائتمان ، الاستيداع.
وقرئ بالّذيّتمن (بقلب الهمزة ياء) والّذتمن (بإدغام الياء في التّاء).
قيل (٤) : [وهو خطأ. لأنّ المنقلبة عن الهمزة في حكمها. فلا تدغم.
(وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) في الخيانة.
وفي ذكر الرّبّ والإضافة إلى المؤتمن بعد ذكر الاسم الدّالّ على الذّات
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) تفسير العياشي ١ / ١٥٦ ، ح ٥٢٥.
(٣) المصدر : مقبوضا.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٤٦.