المكاره عنه وجرّ المنفعة إليه ، علمت أنّ لهذا البنيان بانيا. فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السّحاب وتصريف الرّياح ومجرى الشّمس والقمر والنّجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات ، علمت أنّ لهذا مقدّرا ومنشئا.
وفي كتاب التوحيد (١) : قال هشام فكان من سؤال الزّنديق أن قال : فما الدّليل عليه؟
قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام : وجود الأفاعيل التي (٢) دلّت على أنّ صانعا صنعها.
ألا ترى انّك إذا نظرت إلى بناء مشيّد (٣) علمت أنّ له بانيا؟ وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده.
وفي اصول الكافي ، مثله ، سواء (٤).
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) من الرّؤساء الّذين كانوا يطيعونهم ، أو الأعمّ منهم ، ومن كلّ ما يتّخذونهم أندادا.
(يُحِبُّونَهُمْ) : يعظّمونهم. ويطيعونهم.
(كَحُبِّ اللهِ) : كتعظيمه (٥) والميل إلى طاعته.
أي : يسوّون بينه وبينهم في المحبّة والطّاعة ، أو يحبّونهم كما ينبغي أن يحبّ الله ، من المصدر المبنيّ للمفعول. وأصله من الحبّ. استعير لحبّة القلب. ثمّ اشتقّ منه الحبّ.
لأنّه أصابها ورسخ فيها.
ومحبّة العبد لله ، إرادة طاعته والاعتناء بتحصيل مرضاته. ومحبّته للعبد ، إرادة إكرامه واستعماله وصونه عن المعاصي.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) : لأنّه لا تنقطع محبّتهم لله بخلاف محبّة الأنداد. فإنّها لأغراض فاسدة موهومة ، تزول بأدنى سبب.
(وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) : ولو يعلم هؤلاء الّذين ظلموا باتّخاذهم الأنداد ، (إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ) : إذا عاينوه يوم القيامة.
وأجرى المستقبل مجرى الماضي ، لتحقّقه ، كقوله (٦) : ونادى أصحاب الجنّة.
(أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) :
__________________
(١) التوحيد / ٢٤٤.
(٢) ليس في الكافي.
(٣) المصدر : مشيّد مبنيّ.
(٤) الكافي ١ / ٨١ ، ح ٥.
(٥) أ : لتعظيمه.
(٦) الأعراف / ٤٤.