والحاصل أنّ الأمر لا ينفكّ عن الإرادة بمعنى أنّه لا يجوز أن يأمر ولا يريد. والآية لم تدلّ على الجواز بهذا المعنى ، كما قرّرنا. بل التّحقيق أنّ أمره كاشف عن إرادته. وأمّا أنّ مراده هل ينفكّ عن إرادته أم لا؟ فشيء آخر يستحقّ في موضعه.
وعلى المعتزلة والكراميّة : أنّه يحتمل أن يكون التّعليق باعتبار التّعلّق ، أو كان المعنى لو كان شاء الله هدايتنا الآن ، لنهتدي. والحقّ أنّ الأمر لا ينفك عن الإرادة ، بالمعنى الّذي حقّقته. وأنّ الإرادة حاثّة من صفات الفعل. وسنحقّق ذلك في موضع آخر ـ ان شاء الله.
(قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) ، أي : لم تذلّل للكراب وسقي الحرث.
و «لا ذلول» صفة البقرة ، بمعنى غير ذلول.
و «لا» الثّانية. مزيدة (١) لتأكيد الأولى.
والفعلان ، صفتا «ذلول» ، كأنّه قيل : لا ذلول مثيرة وساقية.
وقرئ لا ذلول (بالفتح) ، أي : هناك ، أي : حيث هي : كقولك : مررت برجل لا بخيل ولا جبان ، أي : هناك ، أي : حيث هو.
و «تسقي» من السّقي.
(مُسَلَّمَةٌ) :
سلّمها الله من العيوب ، أو أهلها من العمل ، أو خلص لونها من سلم له كذا إذا خلص له ، أي : لم يشب صفرتها شيء من الألوان.
(لا شِيَةَ فِيها) : لا لون فيها يخالف لون جلدها. فهي صفراء كلّها. حتّى قرنها وظلفها.
وهي في الأصل ، مصدر وشاه وشيا وشية ، إذا خلط بلونه لون آخر.
(قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) ، أي : الحقّ البيّن الّذي لا يشتبه علينا.
وقرئ الآن (بالمدّ) على الاستفهام ، ولآن (بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللّام.) (٢) (فَذَبَحُوها) :
__________________
(١) أ : تزايدة.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٣.