أو أمركم بمعنى : مأموركم.
(قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها؟ قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ : إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) :
الفقوع ، أشدّ ما يكون من الصّفرة وأنصعه. يقال في التّأكيد : أصفر فاقع ووارس ، كما يقال : أسود حالك وحانك. (١) وفي إسناده إلى اللّون وهو صفة صفراء لملابسته بها ، فضل تأكيد. كأنّه قيل : صفراء شديدة الصّفرة صفرتها. فانتزع من الصّفرة ، صفرة وأسند الفقوع إليها. فهو من قبيل جدّ جدّه وجنونك مجنون.
وعن الحسن (٢) : سوداء شديدة السّواد. وبه فسّر قوله تعالى (٣) : (جِمالَتٌ صُفْرٌ).
وقال الأعشى (٤) :
تلك خيلي منه وتلك ركابي |
|
هنّ صفر أولادها كالزّبيب |
ولعلّه عبّر بالصّفرة عن السّواد ، لأنّها من مقدّماته ، أو لأنّ سواد الإبل يعلوه صفرة.
وفيه أنّ الصّفرة بهذا المعنى ، لا يؤكّد بالفقوع. وأنّ الإبل وإن وصفت به ، فلا يوصف به البقر.
(تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) (٦٩) ، أي : يوقعهم في السّرور (بالفتح) وهو لذّة في القلب ، عند حصول نفع ، أو توقعه من السّرّ (بالضّمّ) كأنّه يحصل لهم من رؤيتها نفع ، أو توقعه.
وروي عن الصّادق ـ عليه السّلام (٥) ـ أنّه قال : من لبس نعلا صفراء ، لم يزل مسرورا حتّى يبليهما ، كما قال الله تعالى (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ).»
وعن أمير المؤمنين (٦) ـ عليه السّلام : أنّ من لبس نعلا صفراء ، قلّ همّه لقوله تعالى (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ).
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ)؟ :
كرّر السّؤال الأول ، لزيادة الاستكشاف. وقوله : (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) : اعتذار عنه ، أي : إنّ البقر الموصوف بالتّعوين وفقوع الصّفرة ، كثير. فاشتبه علينا.
__________________
(١) أ : حافك. ر : حائك. (٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.
(٣) المرسلات / ٣٣. (٤) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.
(٥) الكافي ٦ / ٤٦٦ ، ح ٥ ـ ٦ مجمع البيان ١ / ١٣٥.
(٦) الكشاف ١ / ١٥٠.