فيقول الّذين خرجوا : لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت.
ويقول الّذين أقاموا : لو كنّا خرجنا لقلّ فينا الموت.
قال : فاجتمع رأيهم جميعا أنّه إذا وقع الطّاعون فيهم وأحسّوا به ، خرجوا كلّهم من المدينة. فلمّا أحسّوا بالطّاعون خرجوا جميعا. وتنحّوا عن الطّاعون حذر الموت. فساروا في البلاد ما شاء الله. ثمّ أنّهم مرّوا بمدينة خربة قد خلا أهلها عنها وأفناهم الطّاعون. فنزلوا بها.
فلمّا حطّوا رحالهم فاطمأنّوا [بها] (١) قال لهم الله ـ عزّ وجلّ : موتوا جميعا.
فماتوا من ساعتهم. وصاروا رميما يلوح إذ ماتوا على طريق المارّة. فكنستهم المارّة.
فنحّوهم وجمعوهم في موضع. فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل ، يقال له حزقيل.
فلمّا رأى تلك العظام ، بكى واستعبر. وقال : يا ربّ! لو شئت لأحييتهم السّاعة ، كما أمتّهم. فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك.
فأوحى الله تعالى إليه : أفتحبّ ذلك؟
قال : نعم ، يا ربّ! فأحياهم الله.
قال : فأوحى الله أن : قل كذا وكذا.» فقال الّذي أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يقوله.
فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام : وهو الاسم الأعظم ، فلمّا قال حزقيل ذلك الكلام ، نظر إلى العظام : يطير بعضها إلى بعض. فعادوا أحياء. ينظر بعضهم إلى بعض.
يسبّحون الله عزّ ذكره. ويكبّرونه. ويهلّلونه. فقال حزقيل عند ذلك : أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير.
قال عمر بن يزيد : فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام : فيهم نزلت هذه الآية (٢).
وفي مجمع البيان (٣) وسأل زرارة بن أعين (٤) أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن هؤلاء القوم الّذين قال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم. فقال : أحياهم حتّى نظر النّاس إليهم ، ثمّ أماتهم ، أم ردّهم إلى الدّنيا حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام؟
قال : لا. بل ردّهم الله حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام ونكحوا النّساء ومكثوا
__________________
(١) يوجد في المصدر.
(٢) المصدر : فأحيهم. بدل «فأحياهم الله.»
(٣) مجمع البيان ١ / ٣٤٣.
(٤) المصدر : حمران. وأيضا في هامش الأصل (خ ل.)