(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) فقال : كان ذلك قبل نوح.
قيل : فعلى هدى كانوا؟
قال : لا. كانوا ضلّالا (١). وذلك أنّه لمّا انقرض آدم وصالح (٢) ذرّيّته بقي شيث وصيّه لا يقدر على إظهار دين الله الّذي كان عليه آدم وصالح ذرّيّته وذلك أنّ قابيل توعّده (٣) بالقتل كما قتل أخاه هابيل. فسار فيهم بالتّقيّة والكتمان. فازداد وأكل يوم ضلالا حتّى لم يبق على الأرض معهم إلّا من هو سلف. ولحق الوصيّ بجزيرة في البحر يعبد الله. فبدا لله ـ تبارك وتعالى ـ أن يبعث الرّسل. ولو سئل هؤلاء الجهّال لقالوا : «قد فرغ من الأمر.» وكذبوا. إنّما (٤) هو شيء يحكم به الله في كلّ عام ـ ثمّ قرأ (٥) : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
ـ فيحكم الله ـ تبارك وتعالى ـ ما يكون في تلك السّنة ، من شدّة ، أو رخاء ، أو مطر ، أو غير ذلك.
قلت : أفضلالا (٦) كانوا قبل النّبيّين ، أم على هدى؟
قال : لم يكونوا على هدى. كانوا على فطرة الله الّتي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله (٧). ولم يكونوا ليهتدوا حتّى يهديهم الله. أما تسمع يقول إبراهيم (٨) : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ، أي : ناسيا (٩) للميثاق.
وأمّا ما رواه في مجمع البيان (١٠) ، عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : «كانوا قبل نوح أمّة واحدة على فطرة الله ، لا مهتدين ولا ضالّين (١١). فبعث الله النّبيّين»
فالمراد من الضّالّ ، الكافر. والمراد به في الأخبار السّابقة الّذي على الفطرة لم يهتد إلى الحقّ بالبرهان ، فلا منافاة.
__________________
(١) ر : اضلالا.
(٢) المصدر : صلح.
(٣) المصدر : تواعده.
(٤) المصدر : هي.
(٥) الدخان / ٤.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : أفضلّال.
(٧) إشاره الى آية.
(٨) الأنعام / ٧٧.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : ثابتا.
(١٠) مجمع البيان ١ / ٣٠٧.
(١١) المصدر : لا ضلّالا.