وفي مجمع البيان (١) : وفي الآية دلالة على وجوب إخراج الكفّار من مكّة ، لقوله :(حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ). والسّنّة ، أيضا ، قد وردت بذلك. وهو قوله ـ عليه السّلام : لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.
(فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الشرك ، (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (١٩٣) أي : لا تعتدوا عليهم إذ لا يحسن الظّلم ، إلّا على من ظلم. فوضع العلّة موضع الحكم. وسمّى جزاء الظّلم باسمه ، للمشاكلة. أو إنّكم إن تعرّضتم للمنتهين ، صرتم ظالمين ويحسن العدوان عليكم.
و «الفاء» الأولى ، للتّعقيب ، والثّانية ، للجزاء.
وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن الحسن بياع (٣) الهرويّ ، يرفعه عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في قوله : (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) ، قال : إلّا على ذرّيّة قتلة الحسين ـ عليه السّلام.
عليّ بن ابراهيم (٤) قال : أخبر من رواه عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : قلت : لا عدوان إلّا على الظّالمين.
قال : لا يعتدي الله على أحد إلّا على نسل (٥) ولد قتلة الحسين ـ عليه السّلام.
وفي هذا الخبر ، إشكال بحسب المعنى. لأنّه إن أريد بالاعتداء الزّيادة في العذاب.
على قدر (٦) العمل ، لا يجوز إسناده إلى الله ـ عزّ وجلّ. لأنّه عدل. لا يجوز. وإن أريد مجازاة العمل القبيح ، لا يختصّ بذرّيّة قتلة الحسين ـ عليه السّلام. وأيضا الإشكال في مؤاخذة ذرّيّة قتلة الحسين ـ عليه السّلام ـ بأعمال آبائهم.
ويمكن أن يقال : المراد بالاعتداء ، العذاب الغليظ المتجاوز عمّا يحيط به العقل.
وذلك بسبب شدّة قبح أعمال آبائهم. والقبيح منهم الرّضا بفعال أسلافهم. وعدم (٧) اللّعن عليهم في ليلهم ونهارهم وقبيح عمل غيرهم ليس بهذه المثابة وإن كان ملحقا بهم ومن جملتهم. فيحسن الاعتداء بهذا المعنى عليه ، أيضا.
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٢٨٦.
(٢) تفسير العيّاشي ١ / ٨٦ ، ح ٢١٤.
(٣) كذا في المصدر وفي النسخ. والظاهر أنّه «البياع».
(٤) نفس المصدر ١ / ٨٧ ، ح ٢١٦.
(٥) ليس في أ.
(٦) ر : بقدر.
(٧) أ : وعدهم.