وتساوى أجزائها ، فلا بدّ لها من موجد قادر حكيم ، يوجدها على ما تستدعيه حكمته وتقتضيه مشيئته ، متعاليا عن معارضة غيره ، إذ لو (١) كان معه إله يقدر على ما يقدر عليه ، فإن توافقت إرادتهما ، فالفعل إن كان لهما ، لزم اجتماع المؤثّرين على أثر واحد ، وإن كان لأحدهما ، لزم ترجيح الفاعل بلا مرجّح وعجز الآخر المنافي للإلهيّة ، وإن اختلفت ، لزم التّمانع والتّطارد ، كما أشار إليه بقوله (٢) : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).
وفي أصول الكافي (٣) : بعض أصحابنا ، رفعه عمّن رفعه ، عن هشام بن الحكم.
قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر ـ عليه السّلام : يا هشام! إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أكمل للنّاس الحجج بالعقول ، ونصر النبيّين بالبيان ، ودلّهم على ربوبيّته بالأدلة. فقال : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
وفي كتاب الإهليلجة (٤) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ في كلام طويل : ثمّ نظرت العين إلى العظيم مثل السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض والجبال. يتخلّل الشّجر فلا يحرّك منها شيئا ولا يقصّر منها غصنا ولا يتعلّق منها يعترض الرّكبان فيحول بين بعضهم وبين بعض من ظلمته وكثافته يحمل من ثقل الماء وكثرته ما لا يقدر على صفته مع ما فيه من الصّواعق الصّارعة والبروق اللّامعة والرّعد والثّلج والبرد (٥) ما لا يبلغ الأوهام نعته ولا تهتدي القلوب إليه. فخرج مستقّلا في الهواء يجتمع بعد تفرّقه وينفجر بعد تمسّكه ـ إلى ان قال عليه السّلام ـ ولو أنّ ذلك السّحاب والثّقل من الماء هو الّذي يرسل نفسه بعد احتماله ، لما مضى به ألف فرسخ وأكثر وأقرب من ذلك وأبعد ليرسله قطرة بعد قطرة بلا هزّة ولا فساد ولا ضار به إلى بلدة وترك أخرى.
وفي عيون الأخبار (٦) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل. يقول فيه : إنّي لمّا نظرت إلى جسدي ، فلم يمكنني فيه زيادة ولا نقصان في العرض أو الطّول ودفع
__________________
(١) ليس في ر.
(٢) الأنبياء / ٢٢.
(٣) الكافي ١ / ١٣ ، ح ١٢.
(٤) بحار الأنوار ٣ / ١٦٤ ، مع اختلاف في النقل.
(٥) المصدر : البرد والجليد.
(٦) عيون الاخبار ١ / ١٠٨ ، ح ٢٨.