وفي تفسير الإمام ـ عليه السّلام (١) ـ عند قوله ـ عزّ وجلّ ـ (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) وفي الاحتجاج (٢) عنه ـ عليه السّلام ـ أيضا. قال : لمّا كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بمكّة ، أمره الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يتوجّه نحو بيت المقدس ، في صلاته ويجعل الكعبة بينه وبينها ، إذا أمكن ، وإذا لم يمكن ، استقبل بيت المقدس ، كيف كان. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يفعل ذلك ، طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة. فلمّا كان بالمدينة وكان متعبّدا (٣) باستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا (٤).
وجعل قوم من مردة اليهود يقولون : والله ما يدري (٥) محمّد كيف صلّى (٦) حتّى يتوجّه (٧) إلى قبلتنا في صلاته بهدينا ونسكنا؟
فاشتدّ ذلك على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لما اتّصل به عنهم. وكره قبلتهم. وأحبّ الكعبة. فجاءه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : يا جبرئيل! لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس ، إلى الكعبة. ولقد (٨) تأذّيت (٩) بما يتّصل بي من قبل اليهود ، من قبلتهم.
فقال جبرئيل ـ عليه السّلام : فسل (١٠) ربّك أن يحوّلك إليها. فإنّه لا يردّك عن طلبتك ، ولا يخيّبك من بغيتك.
فلمّا استتمّ (١١) دعاءه ، صعد جبرئيل ـ عليه السّلام. ثمّ عاد من ساعته. فقال : اقرأ ، يا محمّد! (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ). (الآيات).
فقالت اليهود عند ذلك : ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟
فأجابهم الله بأحسن جواب. فقال : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) وهو يملكهما.
وتكليفه التّحوّل (١٢) إلى جانب ، كتحويله لكم إلى جانب آخر.
__________________
(١) ر : تفسير العسكري / ٢٢٥ ـ ٢٢٧.
(٢) الاحتجاج ١ / ٤٣.
(٣) «وكان متعبدا» ليس في أ.
(٤) أ : وكان متعبدا سبعة عشر شهرا. المصدر : سبعة عشر شهرا أو سنة عشر شهرا.
(٥) المصدر : درى.
(٦) المصدر : يصلى. وهو الظاهر.
(٧) أ : حتى صار يتوجه.
(٨) المصدر : فقد. وهو الظاهر.
(٩) أ : ناديت.
(١٠) المصدر فاسأل.
(١١) أ : استقيم.
(١٢) المصدر : التحويل. وهو الظاهر.