أحدها : أن القراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل بل مشهورة (١) ، ولا عبرة بإنكار المبرّد قراءة حمزة (٢) (وَالْأَرْحامَ) (النساء : ١) و (بِمُصْرِخِيَ) (٣) (إبراهيم : ٢٢) ، ولا بإنكار مغاربة النحاة كابن عصفور (٤) قراءة ابن عامر (٥) (قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) (٦) (الأنعام : ١٣٧) والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة ، أمّا تواترها عن النبي صلىاللهعليهوسلم ففيه نظر فإنّ إسناد الأئمة السبعة بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات ، وهي نقل الواحد عن الواحد لم تكمل شروط التواتر في استواء الطرفين والواسطة ، وهذا شيء موجود في كتبهم ، وقد أشار الشيخ شهاب الدين أبو شامة في كتابه «المرشد الوجيز» (٧) إلى شيء من ذلك.
الثاني : استثنى (٨) الشيخ [أبو] (٩) عمرو بن الحاجب (١٠) قولنا : إن القراءات السبع متواترة ما ليس من قبيل الأداء ، ومثّله بالمدّ والإمالة وتخفيف الهمزة ؛ يعني فإنها ليست متواترة وهذا ضعيف ؛ والحقّ أن المدّ والإمالة لا شك في تواتر المشترك بينهما ، وهو المدّ من حيث هو مدّ ، والإمالة من حيث إنها إمالة ، ولكن اختلف القراء في تقدير المدّ ؛ فمنهم من رآه طويلا ،
__________________
(١) في المخطوطة (المشهور).
(٢) هو حمزة بن حبيب بن عمارة ، أبو عمارة الكوفي أحد القرّاء السبعة ترجم له الزركشي ص ٤٧٦.
(٣) قرأ حمزة : (والأرحام) بخفض الميم والباقون بنصبها ، وقرأ (بِمُصْرِخِيَ) بكسر الياء وهي لغة حكاها الفرّاء وقطرب وأجازها أبو عمرو ، والباقون بفتحها (الداني ، التيسير ص : ٩٣ و ١٣٤).
(٤) هو علي بن مؤمن بن محمد أبو الحسن بن عصفور النحوي الإشبيلي ، حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس أخذ عن الدباج والشلوبين ولازمه مدة ، وكان من أصبر الناس على المطالعة من تصانيفه «الممتع في التصريف» ت ٦٦٣ ه (السيوطي ، بغية الوعاة ٢ / ٢١٠).
(٥) هو عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي أحد القراء السبعة ، ترجم له الزركشي ص ٤٧٦.
(٦) قرأ ابن عامر «وكذلك زيّن» بضم الزاي وكسر الياء «قتل» برفع اللام «أولادهم» بنصب الدال «شركائهم» بخفض الهمزة والباقون بفتح الزاي ونصب اللام وخفض الدال ورفع الهمزة. (التيسير ص : ١٠٧)
(٧) المرشد الوجيز : ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٨) في المخطوطة (استثناء).
(٩) ساقطة من المخطوطة ، والصواب إثباتها.
(١٠) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس ، أبو عمرو بن الحاجب الكردي ، الإمام العلاّمة الفقيه المالكي النحوي المقرئ ، حفظ القرآن وقرأه ببعض القراءات على الشاطبي وسمع «التيسير» و «الشاطبية» منه ، ثم قرأ جميع القراءات على أبي الفضل الغزنوي وأبي الجود ، من تصانيفه «الإيضاح في شرح المفصّل» و «شرح كتاب سيبويه» وغيرها ت ٦٤٦ ه (ابن خلكان ، وفيات الأعيان ٣ / ٢٤٨).