وقيل : الآية تشمل كل هذه النعم.
وعن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : «النعيم : الرّطب ، والماء البارد».
وروي أنّ أبا حنيفة سأل الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن تفسير هذه الآية قال الإمام : «ما النعيم عندك يا نعمان» قال : القوت من الطعام والماء البارد ، فقال عليهالسلام «لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها وشربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه». قال : فما النعيم جعلت فداك؟ قال الامام : «نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين وبنا ألّف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء وبنا هداهم الله للإسلام وهي النعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم الله به عليهم وهو النّبي وعترته» (١).
من كلّ هذه الرّوايات ـ التي يبدو أنّها مختلفة في ظاهرها ـ نفهم أنّ النعيم له معنى واسع جدّا يشمل كلّ المواهب الإلهية المعنوية منها مثل : الدين والإيمان والإسلام والقرآن والولاية ، وأنواع النعم المادية الفردية منها والاجتماعية. بيد أن النعم التي لها أهميّة أكبر مثل : نعمة «الإيمان والولاية» يسأل عنها أكثر. هل أدّى الإنسان حقّها أم لا؟ والرّوايات التي تنفي شمول الآية للنعم المادية يظهر أنّها تريد أن تقول : لا ينبغي أن نترك المصاديق الأهم للآية ونتمسك بالمصاديق الأصغر. إنّه تحذير ـ في الواقع ـ إلى النّاس بشأن سلسلة مراتب المواهب والنعم الإلهية ، وبأنّهم يتحملون إزاءها مسئولية ثقيلة.
وكيف يمكن أن لا يسأل عن هذه النعم؟ وهي ثروة كبيرة وهبت للبشرية يجب أن تقدر كل واحدة منها حقّ قدرها وأن يؤدّى شكرها ، وأن يستثمر كل منها
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٣٥.