وكلتاهما تشيران إلى العذاب الذي ينتظر هؤلاء المتكاثرين المتفاخرين.
وبعضهم قال : إنّ الأولى إشارة إلى عذاب القبر والبرزخ والثّانية إلى عذاب القيامة.
وروي عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : «ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ألهاكم التكاثر ، إلى قوله : كلا سوف تعلمون ، يريد في القبر ، ثمّ كلا سوف تعلمون ، بعد البعث» (١).
في التّفسير الكبير للفخر الرازي عن زر بن حبيش أحد أصحاب الإمام علي عليهالسلام قال : كنّا في شك في عذاب القبر حتى سألنا عليّا فأخبرنا أن هذه الآية دليل على عذاب القبر.
(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ). كلا ليس الأمر كما تظنون أيّها المتفاخرون المتكاثرون. فلو إنّكم تعلمون الآخرة علم اليقين ، لما اتجهتم إلى التفاخر والمباهاة بهذه المسائل الباطلة.
ولمزيد من التأكيد والإنذار تقول لهم الآيات التالية :
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ، ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)
في ذلك اليوم عليكم أن توضحوا كيف أنفقتم تلك النعم الإلهية. وهل استخدمتموها في طاعة الله أم في معصيته ، أم أنّكم ضيعتم النعمة ولم تؤدّوا حقّها؟
* * *
بحوث
١ ـ منبع التفاخر والتكاثر
من آيات السّورة يتبيّن أنّ أحد العوامل الأساسية للتفاخر والتكاثر والمباهات هو الجهل بجزاء الآخرة وعدم الإيمان بالمعاد.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٣٤.