حجرا (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) إلى آخر الآية (١).
قصّة أصحاب الفيل :
ذكر المفسّرون والمؤرخون هذه القصّة بأساليب مختلفة واختلفوا في سنة وقوعها. لكن أصل القصّة متوافرة ، ونحن نذكرها استنادا إلى الرّوايات المعروفة في «سيرة ابن هشام» و «بلوغ الأرب» و «بحار الأنوار» و «مجمع البيان» بتلخيص : «ذو نواس» ملك اليمن اضطهد نصارى نجران قرب اليمن كي يتخلوا عن دينهم (ذكر القرآن قصّة هذا الاضطهاد في موضوع أصحاب الأخدود في سورة البروج ، وبيّناها بالتفصيل هناك).
بعد هذه الجريمة نجا من بين النصارى رجل اسمه (دوس) وتوجه إلى قيصر الروم الذي كان على دين المسيح ، وشرح له ما جرى.
ولما كانت المسافة بين الروم واليمن بعيدة ، كتب القيصر إلى النجاشي (حاكم الحبشة) لينتقم من (ذو نواس) لنصارى نجران ، وأرسل الكتاب بيد القاصد نفسه.
جهّز النجاشي جيشا عظيما يبلغ سبعين ألف محارب بقيادة (أرياط) ووجهه إلى اليمن. وكان (أبرهة) أيضا من قواد ذلك الجيش.
اندحر (ذو نواس) وأصبح (أرياط) حاكما على اليمن ، وبعد مدّة ثار عليه أبرهة وأزاله من الحكم وجلس في مكانه.
بلغ ذلك النجاشي ، فقرر أن يقمع (أبرهة). لكن أبرهة أعلن استسلامه الكامل للنجاشي ووفاءه له. حين رأى النجاشي منه ذلك عفا عنه وأبقاه في مكانه.
و (أبرهة) من أجل أن يثبت ولاءه ، بنى كنيسة ضخمة جميلة غاية الجمال ، لا يوجد على ظهر الأرض مثلها آنذاك ، وقرر أن يدعو أهل الجزيرة العربية لأن
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٦٦٩ ، الحديث ٨.