وبديهي ، أنّ التعبير لا يعني أنّ الله تعالى له مكان وكمين يرصد فيه الطواغيت ، بل كناية عن إحاطة القدرة الإلهية بكلّ الجبارين والطغاة والمجرمين ، وسبحانه وتعالى عن التجسيم وما شابه.
وقد ورد في معنى الآية عن الإمام علي عليهالسلام قوله : «إنّ ربك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم» (١).
وعن الإمام الصادق عليهالسلام ، أنّه قال : «المرصاد قنطرة على الصراط ، لا يجوزها عبد بمظلمة عبد» (٢).
وهذا مصداق جلّي للآية ، حيث أنّ المرصاد الإلهي لا ينحصر بيوم القيامة والصراط ، بل هو تعالى بالمرصاد لكلّ ظالم حتى في هذه الدنيا ، وما عذاب تلك الأقوام الآنفة الذكر إلّا دليل واضح على هذا.
«ربّك» : إشارة إلى أنّ هذه السنّة الإلهية لم تقف عند حدّ الذين خلوا من الأقوام السالفة ، بل هي سارية حتى على الظالمين من امّتك يا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم .. وفي ذلك تسلية لقلب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتطمينا لقلوب المؤمنين ، فالوعد الإلهي قد أكّد على عدم انفلات الأعداء المعاندين من قبضة القدرة الإلهية أبدا أبدا ، وفيه تحذير أيضا لأولئك الذين يؤذون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويظلمون المؤمنين ، تحذير بالكف عن ممارساتهم تلك وإلّا سيصيبهم ما أصاب الأكثر منهم قدرة وقوّة ، وعندها فسوف لن تقوم لهم قائمة إذا ما أتتهم ريح عاصفة أو صيحة مرعبة أو سيل جارف يقطع دابرهم.
روي عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه قال : «أخبرني الروح الأمين أنّ الله لا إله غيره إذا وقف الخلائق وجميع الأولين والآخرين ، أتى بجهنّم ثمّ يوضع عليها صراط أدق من الشعر وأحدّ من السيف ، عليه ثلاث قناطر ... الاولى : الأمانة
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٨٧.
(٢) المصدر السابق.