التاسع عشر : قال (١) ابن يعيش : قولهم : عذيرك من فلان ، مصدر بمعنى العذر ، ورد منصوبا بفعل مقدّر كأنه قال : هات عذيرك أو احضره ، وضع موضع الفعل فصار كالعوض من اللفظ به ، فلذلك لا يجوز إظهار الفعل لأنه أقيم مقام الفعل.
العشرون : قال (٢) ابن يعيش : الخفض في المضاف إليه بالحرف المقدر الذي هو (اللام) أو (من) ، وحسن حذفه لنيابة المضاف عنه وصيرورته عوضا عنه في اللفظ وليس بمنزلته في العمل. قال : ونظير ذلك (واو ربّ) ، الخفض في الحقيقة ليس بها بل بربّ المقدرة ، لأن الواو حرف عطف وحرف العطف لا يخفض ، وإنما هي نائبة في اللفظ عن (ربّ).
الحادي والعشرون : قال (٣) ابن يعيش : إذا قلت : رأيت القوم أجمعين ، كان في تقدير : رأيت القوم جميعهم ، وكان يجب أن تقول : جاء القوم كلّهم أجمعهم أكتعهم أبصعهم ، فحذفوا المضاف إليه وعوّضوا من ذلك الجمع بالواو والنون ، فصارت الكلمة بذلك يراد بها المضاف والمضاف إليه ، ولهذا لم يجرين على نكرة ، وصار ذلك كجمعهم أرضا على أرضين عوضا من تاء التأنيث.
فإن قيل : تاء التأنيث تتنزل من الاسم منزلة جزء منه ولذلك كانت حروف الإعراب منه ، فقالوا : قائمة وقاعدة ، عوّضوا منها كما عوّضوا مما حذف من نفس الكلمة ، نحو : مائة ومئين ، وقلة وقلين ، وثبة وثبين ، والمضاف إليه كلمة قائمة بنفسها وحرف الإعراب ما قبلها.
فالجواب : أن المضاف إليه أيضا يتنزّل من المضاف منزلة ما هو من نفس الاسم ، ولذلك لا يفصل بينهما ، وإذا صغرت نحو : عبد الله وامرئ القيس ، إنما يصغّر الاسم المضاف دون المضاف إليه ، كما تفعل ذلك في علم التأنيث نحو : طليحة وحميراء ، يصغّر المصدر ويبقى علم التأنيث بحاله ، فلما تنزّل المضاف إليه من المضاف منزلة الجزء من الكلمة جاز أن يعوّض منه إذا حذف وأريد معناه.
الثاني والعشرون : قال ابن هشام في (المغني) (٤) : لا يجوز حذف خبر كان لأنه عوض أو كالعوض من مصدرها ، ومن ثم لا يجتمعان.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢٧).
(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ١١٧).
(٣) انظر شرح المفصّل (٢ / ١١٨).
(٤) انظر مغني اللبيب (٢ / ٦٧٤).