وانما (١) لم يؤمر بهما استحباباً أو وجوباً لمانع يرتفع مع النذر (٢) [بالنذر] ،
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى توهم ، وهو : أن الرجحان الذاتي ان كان ملزماً اقتضى تشريع الوجوب ، وان لم يكن ملزماً اقتضى تشريع الندب ، مع أنه ليس كذلك لعدم تشريع الوجوب الا بعد النذر ، وهذا كاشف عن عدم الرجحان الذاتي لهما قبله.
(٢) أي : مقارنا لوجود النذر ، لا متأخراً عنه بأن يكون معلولا له ، وإلّا يلزم حينئذ تعلق النذر بالمرجوح ، فيرجع الإشكال ، وقوله : «لمانع» دفع للتوهم المزبور ، وحاصله : أن مجرد وجود المقتضي لا يكفي في تشريع الحكم ، بل لا بد من عدم المانع أيضا ، فاقتران رجحان الصوم ذاتاً في السفر وكذا الإحرام قبل الميقات بوجود المانع يمنع عن تشريع الاستحباب قبل تعلق النذر بهما ، فبالنذر يرتفع المانع ، ويؤثر المقتضي في التشريع بلا مانع.
وبالجملة : الرجحان الذاتي في الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات مقرون بمانع الجعل ، كالمشقة في الصوم في السفر ، والمشقة الزائدة في ترك محرمات الإحرام ، لزيادة المسافة والزمان على الميقات. وهذا المانع يرتفع مقارناً لوجود النذر ، لا متأخراً عنه ومعلولا له ، إذ يلزم حينئذ تعلق النذر بالمرجوح ، مع أنه لا بد من تعلقه بالراجح ، ولذا قال المصنف على ما في أكثر النسخ «مع النذر» ولم يقل «بالنذر».
__________________
الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات ، إذ لو كانا راجحين ذاتاً وكانت المشقة مانعة عن توجه الطلب إليهما لم يلتزموا بتركهما ، فهذا الالتزام يكشف عن عدم رجحانهما الذاتي.