مع أنه (١) لو لم يكن النهي فيها دالا على الحرمة لكان دالا على الفساد ، لدلالته على الحرمة التشريعية ، فانه لا أقل من دلالته على أنها
______________________________________________________
علل عدم إمكان الاتصاف بالحرمة الذاتيّة باجتماع المثلين ، فمراده حرمة نفس الفعل بحرمتين ، لا جعل موضوع حرمة التشريع غير موضوع الحرمة الذاتيّة. لكن فيه تأمل.
(١) الضمير للشأن. وهذا ثالث الأجوبة ، وهو ناظر إلى قول المستشكل : «هذا لو كان النهي عنها دالا» ، وحاصل الجواب : أنه يمكن البناء على فساد العبادة المنهي عنها وان لم نقل بدلالة النهي على الحرمة ، إذ لا أقل من دلالته على عدم كون الفرد المنهي عنه مأموراً به ، إذ لا معنى للنهي مع الأمر الفعلي ، وبدون الأمر يكون حراماً تشريعياً فاسداً ، لكفاية حرمة التشريع في الفساد ، فيخرج هذا الفرد المنهي عنه عن إطلاق الدليل أو عمومه الدال على صحة كل فرد فرض وجوده من أفراد طبيعة العبادة.
وبالجملة : وزان النهي عن عبادة خاصة ـ فيما إذا كان هناك عموم أو إطلاق يقتضي صحتها لو خلّي وطبعه ـ وزان الأمر الواقع عقيب الحظر ، فكما لا يدل الأمر هناك على الوجوب الّذي هو مدلوله لغة أو عرفاً ، بل يكون إرشاداً إلى رفع الحظر السابق ، فكذلك النهي في المقام ، فانه لا يدل على الحرمة التي هي مدلوله اللغوي أو العرفي ، بل يكون إرشاداً إلى فساد هذا الخاصّ من بين الخصوصيات المشمولة للعام ، أو المطلق لو خلي وطبعه ، وعدم كونه محبوباً عند المولى. وعليه ، فيستحيل التقرب بإكرام العالم الظالم الّذي ليس فيه ملاك وجوب الإكرام ، أو أن ملاكه مغلوب لملاك حرمته وان كان مشمولا أوّلا لقوله : «أكرم العلماء».