واضح أن كل هذه الأمور لا يمكن أن تجد لها مفهوما بشأن الله سبحانه ، وهو خالق عالم الوجود والقادر على كلّ شيء ، وهو الأزلي الأبدي.
أضف إلى ذلك ، الولد يستلزم أن يكون الوالد جسما والله منزّه عن ذلك (١).
٢ ـ تفسير (كُنْ فَيَكُونُ)
هذا التعبير ورد في آيات عديدة منها الآية ٤٧ و ٥٩ من سورة آل عمران ، والآية ٧٣ من سورة الأنعام ، والآية ٤٠ من سورة النحل والآية ٣٥ من سورة مريم ، والآية ٨٢ من سورة يس ، وغيرها ، والمراد منها الإرادة التكوينية لله تعالى وحاكميته في الخليقة.
بعبارة أوضح : المقصود من جملة (كُنْ فَيَكُونُ) ليس هو صدور الأمر اللفظي «كن» من قبل الله تعالى ، بل المقصود تحقق إرادة الله سبحانه حينما تقتضي إيجاد شيء من الأشياء ، صغيرا بحجم الذّرة كان ، أم كبيرا بحجم السماوات والأرض ، بسيطا كان أم معقدا ، دون أن يحتاج في ذلك الإيجاد إلى أية علّة اخرى ، ودون أن تكون هناك أية فترة زمنية بين الإرادة والإيجاد.
لا يمكن للزمان أن يفصل بين الأمر والكينونة ، ولذلك فإن الفاء في جملة «فيكون»، لا تدل على تأخير زمني كما هو الحال في الجمل الاخرى ، بل إنها تدل فقط على التأخير في الرتبة (الفلسفة أثبتت تأخر المعلول عن العلة ، وهذا التأخر ليس زمنيا ، بل في الرتبة ـ تأمل بدقة ـ).
ليس المقصود أن الشيء يصبح موجودا متى ما أراد الله ذلك ، بل المقصود أن الشيء يصبح موجودا بالشكل الذي أراده الله.
على سبيل المثال ، لو أراد الله أن يخلق السماوات والأرض في ستة أيّام ،
__________________
(١) هذه المسألة بحثناها في سورة الأنبياء ، الآية ٢٦ ، المجلد العاشر من هذا التّفسير.