لكان ذلك ، دون زيادة أو نقص ، ولو أراد أن توجد في لحظة واحدة لوجدت بأجمعها في لحظة واحدة ، فذلك تابع لكيفية إرادته ولما يراه من مصلحة.
ولو شاء الله ـ مثلا ـ أن يبقى الجنين في رحم أمه تسعة أشهر وتسعة أيّام ليطوي مراحل تكامله ، لما زادت هذه المدة وما نقصت. أمّا لو شاء أن يطوي هذا الجنين مراحل تكامله خلال لحظة واحدة لحدث ذلك قطعا ، لأن إرادته علّة تامّة للخليقة ، ولا يمكن أن توجد فاصلة بين العلة التامة ووجود المعلول.
٣ ـ كيف يوجد الشيء من العدم؟
كلمة «بديع» من «بدع» ، والإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء منه ، وفي الآية بمعنى إيجاد الشيء من غير مادة سابقة (١).
والسّؤال الذي يطرح في هذا المجال يدور حول إمكان إيجاد الشيء من العدم ، فكيف يمكن للعدم ـ وهو نقيض الوجود ـ أن يكون منشأ للوجود؟ وهذه هي الشبهة التي يوردها الماديون في مسألة «الإبداع» ليستنتجوا منها أن المادة الأصلية للعالم أزلية أبدية ، ولا يطرأ عليها وجود وعدم إطلاقا.
الجواب
في المرحلة الاولى ، يوجّه نفس هذا الاعتراض إلى الماديين فهؤلاء يعتقدون أن مادة هذا العالم قديمة أزلية ، ولم ينقص منها شيء حتى الآن ، والذي نراه يتغير هو «الصورة» وحدها ، لا أصل المادة. ونحن بدورنا نسأل : كيف وجدت الصورة الحالية للمادة ولم تكن موجودة من قبل؟ هل وجدت من العدم؟ إذا كان كذلك ، فكيف يمكن للعدم أن يكون منشأ للوجود؟ (تأمل بدقّة).
__________________
(١) المفردات ، مادة بدع.