تأديبك لهم» (١).
في هذا الحديث نجد ارتباطا بين «تأديب العالم» و «شفاعته لمن أدّبهم» وهذا الارتباط يوضّح كثيرا من المسائل المبهمة في بحثنا هذا.
أضف إلى ما سبق أن في اختصاص الشفاعة بالعالم وسلبها من العابد ، دلالة اخرى على أن الشفاعة في المفهوم الإسلامي ليست معاملة وعقدا وتلاعبا بالموازين ، بل مدرسة للتربية ، وتجسيد لما مرّ به الفرد من مراحل تربوية في هذا العالم.
* * *
٦ ـ التّأثير المعنوي للشّفاعة :
ما ذكرناه من روايات بشأن الشفاعة هو غيض من فيض ، فالروايات في هذا المجال كثيرة تبلغ حدّ التواتر ، وإنما اخترنا منها ما يتناسب مع بحثنا.
النووي الشافعي (٢) في شرحه لصحيح مسلم ، نقل عن القاضي عياض ـ وهو من كبار علماء أهل السنة ، ـ أنّ أحاديث الشفاعة متواترة (٣).
ابن تيمية (المتوفى ٧٢٨ ه) ومحمّد بن عبد الوهّاب (المتوفى ١٢٠٦ ه) ، مع ما لهما من تعصّب ولجاج في مثل هذه الأمور ، يقرّان بتواتر هذه الروايات.
ثمة كتاب دراسي معروف ومتداول بين «الوهّابية» هو «فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن ، ينقل عن «ابن القيم» ما يلي :
«الرابع : شفاعته في العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم.والأحاديث بها متواترة عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد أجمع عليها الصحابة وأهل السنة
__________________
(١) الإختصاص ، للمفيد ، نقلا عن البحار ، ج ٣ ، ص ٣٠٥.
(٢) هو يحيى بن شرف ، من علماء القرن السابع الهجري ، والنووي نسبة إلى مدينة «النوى» قرب دمشق.
(٣) البحار ، ج ٣ ، ص ٣٠٧.