٣ ـ منهج البقاء وعوامل السقوط
الآيات الكريمة في معرض حديثها عن بني إسرائيل تطرح سننا كونية في بقاء الشعوب وانحطاطها.
أهم عامل لبقاء الامّة ورفعتها وعزتها في المنظار القرآني ، اعتماد الامّة على قوّة الله وقدرته الأبدية وخضوعها له وحده دون سواه وخشيته وحده دون غيره :(لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ).
ومن عوامل البقاء أيضا التلاحم الاجتماعي بين أفراد الامّة ، وهذا ما يعبّر عنه القرآن بالإحسان إلى الوالدين باعتبار هما أقرب أفراد المجتمع إلى الإنسان ، ثم الإحسان إلى ذي القربى ، ثم بعد ذلك إلى عامة أفراد المجتمع من الفقراء والمساكين وغيرهم من النّاس.
إزالة التمييز الطبقي ورفع الهوة السحيقة الفاصلة بين الأغنياء والفقراء في المجتمع ، عن طريق إيتاء الزكاة ، ومن عوامل بقاء المجتمع أيضا ورفعته.
أما عوامل السقوط فهي عبارة عن تفكّك البنية الاجتماعية ، ونشوب النزاعات والحروب الداخلية بين أفراد المجتمع ، واستضعاف بعضهم بعضا. (لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) ....
ثم الازدواجية في الالتزام بأحكام الله تعالى عامل هام من عوامل السقوط ، يدفع بالأفراد لأن يتحركوا حول محور مصالحهم الآنيّة الذاتية الضيقة ، فيلتزموا بالقوانين التي تحفظ لهم منافعهم الشخصية ، ويتركوا القوانين النافعة للمجتمع (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ).
هذه هي الأسباب والعلل في تكامل وانحطاط الأمم والحضارات في منظور القرآن.
* * *