الرَّحْمنِ عَهْداً) (١) ، والمقصود من هذا العهد الإيمان بالله ورسوله.
ويتحدث القرآن عن سلب صلاحية الاستشفاع عن بعض الأفراد مثل المجرمين، كقوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (٢).
ممّا تقدم يتضح أن اتخاذ العهد الإلهي ، والوصول إلى منزلة نيل رضا الله ، واجتناب بعض الذنوب مثل الظلم ، شروط حتمية للشفاعة.
* * *
٤ ـ الشّروط المختلفة للشفاعة :
آيات الشفاعة تصرح أن مسألة الشفاعة في مفهوم الإسلام مقيدة بشروط ، هذه الشروط تحدد تارة الخطيئة التي يستشفع المذنب لها ، وتحدّد تارة اخرى الشخص المشفوع له ، كما تقيد من جهة اخرى الشفيع ، وهذه الشروط بمجموعها تكشف عن المفهوم الحقيقي للشفاعة وعن فلسفتها.
ثمة ذنوب كالظلم مثلا خارجة عن دائرة الشفاعة حيث يقول القرآن (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) كما مرّ ، ولو فهمنا «الظلم» بمعناه الواسع ـ كما سنرى من خلال الأحاديث ـ فان الشفاعة تقتصر حينئذ على المجرمين النادمين السائرين على طريق إصلاح أنفهسم ، والشفاعة في هذه الحالة ستكون دعامة للتوبة وللندم (سنجيب أولئك الذين يتصورون أن التائب النادم لا يحتاج إلى الشفاعة).
كما أن الشفاعة ـ وطبقا للآية ٢٨ من سورة الأنبياء ـ لا تشمل إلّا أولئك المرتقين إلى درجة «الارتضاء» وإلى درجة الالتزام بالعهد الإلهي كما مرّ أيضا في الآية ٨٧ من سورة مريم.
__________________
(١) مريم ، ٨٧.
(٢) غافر ، ١٨.