للبدء بأيّ عمل ينبغي ـ إذن ـ أن نتوسّل برحمة الله الواسعة ، رحمته العامة ورحمته الخاصة. وهل هناك أنسب من هذه الصفة لتحقّق النجاح في الأعمال ، وللتغلب على المشاكل والصعاب؟!
والقوة التي تستطيع أن تجذب القلوب نحو الله وتربطها به هي صفة الرحمة ، إذ لها طابعها العام مثل قانون الجاذبية ، ينبغي الاستفادة من صفة الرحمة هذه لتوثيق العرى بين المخلوقين والخالق.
المؤمنون الحقيقيون يطهّرون قلوبهم بذكر البسملة في بداية كلّ عمل من كل علقة وارتباط ، ويرتبطون بالله وحده ويستمدّون منه العون ، ويتوسلون إليه برحمته التي وسعت كلّ شيء.
والبسملة أيضا تعلّمنا أنّ أفعال الله تقوم أساسا على الرحمة ، والعقاب له طابع استثنائي لا ينزل إلّا في ظروف خاصة ، كما نقرأ في الأدعية المروية عن آل بيت رسول الله : «يا من سبقت رحمته غضبه» (١).
المجموعة البشرية السائرة على طريق الله ينبغي أن تقيم نظام حياتها على هذا الأساس أيضا ، وأن تقرن مواقفها بالرحمة والمحبة ، وأن تترك العنف إلى المواضع الضرورية ، (١١٣) سورة من مجموع (١١٤) سورة قرآنية تبدأ بالتأكيد على رحمة الله ، وسورة التوبة وحدها تبدأ بإعلان الحرب والعنف بدل البسملة.
* * *
__________________
(١) دعاء الجوشن الكبير ، الفقرة ، ٢٠.