اليهود والنصارى ، ورأينا أن هذه الادعاءات الفارغة تستتبعها روح احتكارية ضيقة ، ثم وقوع في التناقضات.
تقول الآية : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ).
عبارة «ليست على شيء» تعني أن أفراد هذا الدين لا مكانة لهم ولا منزلة لدى الله سبحانه ، أو تعني أن هذا الدين لا وزن له ولا قيمة.
ثم تضيف الآية : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ).
أي إنّ هؤلاء لديهم الكتاب الذي يستطيع أن ينير لهم الطريق في هذه المسائل ، ومع ذلك ينطلقون في أحكامهم من التعصب واللجاج والعناد!!
ثم تقول الآية : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).
وهذه الآية الكريمة تجعل أقوال هذه المجموعة من أهل الكتاب المتعصبين شبيهة بأقوال الجهلة من الوثنيين. بعبارة اخرى : هذه الآية تقرر أن المصدر الأساس للتعصب هو الجهل والبعد عن العلم ، لأن الجاهل مطوّق بمحيطه المحدود ، لا يقبل غيره ، بل هو ملتصق بما ملأ ذهنه منذ صغره وإن كان خرافيا ، ويرفض ما سواه.
ثم اختتمت الآية بالتأكيد على أن الحقائق إن خفيت في هذه الدنيا ، فهي لا تخفى في الآخرة حيث تنكشف كل الأوراق : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
وهذه الآية فيها أيضا تثبيت للقلوب وطمأنة للنفوس ، فهي تؤكد للمسلمين أن الطوائف التي تجهزت لمحاربتهم لا تتميز بالانسجام والوحدة ، بل إن مجاميعها يكفّر بعضهم بعضا ، والذي يجمع بينهم على الظاهر هو الجهل ، وبالتالي التعصب الناشئ عن هذا الجهل.
* * *