ويعظمون مكة ويرون الحج إليها ويحرمون الميتة والدم ولحم الخنزير ويحرمون من القرابات في النكاح ما يحرم المسلمون ، وعلى هذا المذهب كان جماعة من أعيان الدولة ببغداد منهم هلال بن المحسن الصّابي صاحب الديوان الإنشائي وصاحب الرسائل المشهورة ، وكان مع المسلمين ويعبد معهم ويزكي ويحرم المحرمات ، وكان النّاس يعجبون من موافقته للمسلمين وليس على دينهم ، وأصل دين هؤلاء فيما زعموا أنهم يأخذون محاسن ديانات العالم ومذاهبهم ويخرجون من قبيح ما هم عليه قولا وعملا ، ولهذا سموا صابئة ، أي خارجين ، فقد خرجوا عن تقييدهم بجملة كل دين وتفصيله إلّا ما رأوه فيه من الحق (١)».
من مجموع ما سبق يتبين أن الصابئين كانوا في الأصل أتباع أحد الأنبياء وإن اختلف المحققون في تعيين نبيّهم. وتبين أيضا أن عدد هؤلاء قليل وهم في حالة انقراض.
* * *
__________________
(١) بلوغ الإرب ، ج ٢ ، ص ٢٢٣ ـ ٢٢٥.