فمروه أن يعوذ بقبر معاوية بن هشام بدير حنيناء.
فمضى الكميت فضرب فسطاطه عند قبره ، ومضى عنبسة فأتى مسلمة بن هشام ، فقال : يا أبا شاكر مكرمة أتيتك بها تبلغ الثريّا إن اعتقدتَها ، فإن علمتَ أنَّك تفي بها وإلاّ كتمتها. قال : وما هي؟ فأخبره الخبر ، وقال : إنّه قد مدحكم عامّة وإيّاك خاصّة بما لم يُسمع بمثله ، فقال : عليَّ خلاصه.
فدخل على أبيه هشام وهو عند أمّه في غير وقت دخول ، فقال له هشام : أجئت لحاجة؟ قال : نعم. قال : هي مقضيّةٌ إلاّ أن تكون الكميت. فقال : ما أُحبُّ أن تستثني عليَّ في حاجتي ، وما أنا والكميت! فقالت أمّه : والله لَتَقْضِيَنَّ حاجته كائنةً ما كانت ، قال : قد قضيتها ولو أحاطت بما بين قُطْرَيْها. قال : [هي الكميت] (١) يا أمير المؤمنين! وهو آمنٌ بأمان الله وأماني ، وهو شاعر مضر ، وقد قال فينا قولاً لم يُقل مثله. قال : قد أمّنته ، وأجزت أمانك له ، فاجلس له مجلساً يُنْشدك فيه ما قال فينا ، فعقد مجلساً وعنده الأبرش الكلبي ، فتكلّم بخطبة ارتجلها ما سُمع بمثلها قطُّ ، وامتدحه بقصيدته الرائيَّة ، ويقال : إنّه قالها ارتجالاً ، وهي قوله :
قف بالديار وقوف زائر
فمضى فيها حتى انتهى إلى قوله :
ما ذا عليك من الوقو |
|
ف بها وإنَّك غير صاغرْ |
درجَتْ عليك الغاديا |
|
تُ الرائحاتُ من الأعاصرْ |
ويقول فيها :
فالآن صرت إلى أميّ |
|
ة والأمور إلى المصائرْ |
__________________
(١) أثبتنا الزيادة من معاهد التنصيص.