حابس الفيل. مرّ (ص ٨١) ، وفي قول أمير المؤمنين عليهالسلام له عند بعض مقاله كما مرّ (ص ٧٦): «أحسنت والله يا قيس وأجملت» لغنىً وكفاية عن أيّ إطراء وثناء عليه.
حديث زهده :
لا نحاول في البحث عن هذه النواحي ، في أيّ من التراجم ، سرد تاريخ أمّة غابرة ، أو ذكريات أماثل الأمّة أو حثالتها في القرون الخالية فحسب ، بل إنّما نخوض فيها بما فيها من عظات دينيّة ، وفلسفة أخلاقيّة ، وحِكَم عمليّة ، ومعالم روحيّة ، ومصالح اجتماعيّة ، ودستور في مناهج السير إلى المولى سبحانه ، وبرنامج في إصلاح النفس ، ودروس في التحلّي بمكارم الأخلاق ، التي بُعث لإتمامها نبيُّ الإسلام.
وهناك نماذج من نفسيّات شيعة العترة الطاهرة ، وما لهم دون مناوئيهم من خلاق من المكارم والفضائل والقداسة والنزاهة ، يحقُّ بذلك كلّه أن يكون كلٌّ من نظراء قيس قدوةً للبشر في السلوك إلى المولى ، وقادةً للخلق في تهذيب النفس ، ومؤدِّباً للأمّة بالخلائق الكريمة ، ومُصلحاً للمجتمع بالنفسيّات الراقية ، والروحيّات السليمة ، فلن تجد فيهم (جُرفٌ مُنهال ، ولا سحابٌ مُنجال) (١).
ففي وسع الباحث أن يستخرج من تاريخ تلكم النفوس القدسيّة ، من قيس ومن يصافقه في المبدأ الدينيِّ ، ومن ترجمة من يضادُّهم في التشيّع لآل الله ، من عمرو ابن العاص ومن يشاكله ، حقيقة راهنة دينيّة ، أثمن وأغلى من معرفة حقائق الرجال ، والوقوف على تاريخ الأجيال الماضية ، ويمكنه أن يقف بذلك على غاية كلٍّ من الحزبين العلويِّ والأمويِّ مهما يكن القارئ شريف النفس ، حرّا في تفكيره ، غير مقلّد ولا إمّعة ، مهما حداه التوفيق إلى اتّباع الحقّ ، والحقُّ أحقُّ أن يُتَّبع ، غير ناكبٍ عن الطريقة المثلى في البخوع للحقائق ، والجنوح إليها.
__________________
(١) مثل يُضرب. جرف منهال : أي لا حزم عنده ولا عقل. سحاب منجال : أي لا يطمع في خيره [مجمع الأمثال : ١ / ٣١٦ رقم ٩٤٦]. (المؤلف)