ولا دخلت في طاعتك وأنت عدوّه ، ولا اخترت عدوَّ الله على وليِّه ، ولا حزب الشيطان على حزب الله. والسلام.
كتاب مفتعل :
فلمّا أيس معاوية من قيس أن يتابعه على أمره ، شقَّ عليه ذلك ، وثقل عليه مكانه ، لما كان يعرف من حزمه وبأسه ، ولم تنجح حيلة فيه تكاده من قِبل عليّ ، فقال لأهل الشام : إنَّ قيساً قد تابعكم فادعوا الله له ولا تسبّوه ، ولا تدعوا إلى غزوه ، فإنّه لنا شيعة ، قد تأتينا كتبه ونصيحته سرّا ، ألا ترون ما يفعل بإخوانكم الذين عنده من أهل ـ خربتا ـ يجري عليهم عطاياهم وأرزاقهم ويحسن إليهم.
واختلق كتاباً ونسبه إلى قيس ، فقرأه على أهل الشام وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم. للأمير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد :
سلامٌ عليك ، فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد :
فإنّي لمّا نظرت لنفسي وديني فلم أرَ يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلماً محرَّماً برّا تقيّا ، فنستغفر الله لذنوبنا ، ونسأله العصمة لديننا ، ألا وإنِّي قد ألقيت إليكم بالسلم ، وإنِّي أجبتك إلى قتال قتلة عثمان رضى الله عنه إمام الهدى المظلوم ، فعوِّل عليَّ فيما أحببت من الأموال والرجال ، أُعجّل عليك. والسلام (١).
إنَّ شنشنة التقوُّل والافتعال غريزة ثابتة في سجايا معاوية ، ومنذ عهده شاعت الأحاديث المزوَّرة فيما يعنيه من فضل بني أميّة ، والوقيعة في بني هاشم ، عترة الوحي وأنصاره ، يوم كان يَهبُ القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة لأهل الجباه السود ، فيضعون له في ذلك روايات معزوّة إلى صاحب الرسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فإنّه بذل لسمرة بن
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٥ / ٢٢٩ [٤ / ٥٥٣ حوادث سنة ٣٦ ه] ، كامل ابن الأثير : ٣ / ١١٧ [٢ / ٣٥٦ حوادث سنة ٣٦ ه] ، شرح ابن أبي الحديد ٢ / ٢٤ [٦ / ٦٢ خطبة ٦٧]. (المؤلف)