فقال عليٌّ : «هل تدرون ما أمر هذا اللواء؟ إنَّ عدوّ الله عمرو بن العاص أخرج له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الشِّقَّة ، فقال : من يأخذها بما فيها؟ فقال عمرو : وما فيها يا رسول الله؟.
قال : فيها أن لا تُقاتل به مسلماً ، ولا تقرِّبه من كافر. فأخذها ، فقد والله قرّبه من المشركين ، وقاتل به اليوم المسلمين ، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، ما أسلموا ولكن استسلموا وأسرّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعواناً رجعوا إلى عداوتهم منّا ، إلاّ أنَّهم لم يدعوا الصلاة». كتاب صفّين لابن مزاحم (١) (ص ١١٠).
٥ ـ
كتاب أمير المؤمنين إلى عمرو
«من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى الأبتر ابن الأبتر ، عمرو بن العاص بن وائل ، شانئ محمد وآل محمد في الجاهليّة والإسلام. سلام على من اتّبع الهدى.
أمّا بعد : فإنّك تركتَ مروءتَك لامرئ فاسق مهتوك سترُهُ ، يَشينُ الكريمَ بمجلسه ، ويسفِّهُ الحليمَ بخَلْطَتِهِ ، فصار قلبُكَ لقلبه تَبَعاً ، كما قيل : وافق شنٌّ طبقة (٢) ، فسلَبكَ دينَكَ ، وأمانتَك ، ودنياك ، وآخرتَك ، وكان علمُ الله بالغاً فيك ، فصرتَ كالذئب يتبعُ الضرغام إذا ما الليل دجا ، أو أتى الصبح ، يلتمسُ فاضلَ سؤرِه ، وحوايا فريستِه ، ولكن لا نجاةَ من القدر ، ولو بالحقِّ أخذت لأدركتَ ما رجوتَ ، وقد رشدَ من كانَ الحقُّ قائده ، فإن يمكّنِ اللهُ منك ومن ابن آكلةِ الأكباد ، ألحقتُكما بمن قتلَه الله من ظَلَمَة قريش على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإن تُعْجِزا وتبقيا بعدي ، فالله حسبكما ، وكفى بانتقامه انتقاماً ، وبعقابه عقاباً. والسلام».
__________________
(١) وقعة صفّين : ص ٢١٥.
(٢) مثل سائر له قصّة يستفاد منها. شنّ : اسم رجل. طبقة : اسم امرأة. راجع مجمع الأمثال للميداني : ٢ / ٣٢١ [٣ / ٤١٨ رقم ٤٣٤٠]. (المؤلف)