فسلّط عليه كلباً ، فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (١) ، فافترسه الأسد. معجم الأدباء (٢) (٤ / ١٣٢)
الكميت وحياته المذهبية
يجد الباحث في خلال السِيَر وزُبُر الحديث ، شواهد واضحة على أنَّ الرجل لم يتّخذ شاعريّته وما كان يتظاهر به من التهالك في ولاء أهل البيت عليهمالسلام وسيلةً لما يقتضيه النهمة ، وموجبات الشره من التلمّظ بما يستفيده من الصِّلات والجوائز ، أو تحرّي مُسانحات وجرايات ، أو الحصول على رتبةٍ أو راتب ، أنّى وآل رسول الله كما يقول عنهم دعبل الخزاعي :
أرى فيْأهم في غيرهم مُتَقَسَّماً |
|
وأيدِيَهُمْ من فيئهم صَفِراتِ |
وهم ـ سلام الله عليهم ـ فضلاً عن شيعتهم :
مشرّدون نفوا عن عُقرِ دارِهمُ |
|
كأنّهم قد جَنوا ما ليس يُغتَفرُ |
وقد انهالت الدنيا ـ قضّها بقضيضها ـ على أضدادهم يوم ذاك من طغمة الأمويّين ، ولو كان المتطلّب يطلب شيئاً من حطام الدنيا ، أو حصولاً على مرتبة ، أو زلفةً تربي به ، لطلبها من أولئك المتغلّبين على عرش الخلافة الإسلاميّة.
فرجلٌ يلوي بوجهِهِ عنهم إلى أُناس مضطهدين مقهورين ، ويقاسي من جرّاء ذلك الخوف والاختفاء ، تتقاذف به المفاوز والحزون ، مفترعاً ربوة طوراً ، ومسفّا إلى الأحضّة تارة ، ووراءه الطلب الحثيث ، وبمطلع الأكمة النطع والسيف ، ليس من الممكن أن يكون ما يتحرّاه إلاّ خاصّة في من يتولاّهم ، لا توجد عند غيرهم ، وهذا هو شأن الكميت مع أئمّة الدين عليهمالسلام ، فقد كان يعتقد فيهم أنّهم وسائله إلى المولى
__________________
(١) أدلج القوم : ساروا الليل كلّه ، أو في آخره. (المؤلف)
(٢) معجم الأدباء : ١٠ / ٢٤٨.