قبل ولادة أبي الحسن موسى بسنتين أو ثلاث. كما لا يتمُّ القول باتّحاده مع حديث أبي الفرج المرويِّ عن الإمام أبي جعفر ، إذ درست بن أبي منصور لا يروي عنه عليهالسلام ، وليس من تلك الطبقة.
الكميت ودعاء الأئمّة له
من الواضح أنَّ أدعية ذوي النفوس القدسيّة ، والألسنة الناطقة بالمشيئة الإلهيّة المعبِّرة عن الله ، من الذين يوحي إليهم ربّهم ، ولا يتكلّمون إلاّ بإذنه ، وما ينطقون عن الهوى ، ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى ، ليست مجرّد شفاعة لأيِّ أحد ، ومسألة خيرٍ من المولى لكلِّ إنسان كائناً من كان ، بل فيها إيعاز بأنَّ المدعوَّ له من رجال الدين ، وحلفاء الخير والصلاح ، ودعاة الأمّة إليهما ، وممّن قيّضه المولى للدعوة إليه ، والأخذ بناصر الهدى ، رغماً على أباطيل الحياة وأهوائها الضالَّة ، إلى فضائل لا تُحصى على اختلاف المدعوِّ لهم فيها.
وقلّما دُعي لأحدٍ مثلما دُعي للكميت ، وقد أكثر النبيُّ الأعظم والأئمّة من أولاده ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ دعاءهم له ، فاسترحم له النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّة كما مرّ في حديث البياضي ، واستجزى له بالخير ، وأثنى عليه أخرى كما في منام نصر بن مزاحم ، وقال له ثالثة : «بوركت وبورك قومك» كما في حديث السيوطي ، ودعا له الإمام السجّاد زين العابدين عليهالسلام بقوله : «اللهمَّ أحيه سعيداً وأَمْتهُ شهيداً ، وأرِهِ الجزاء عاجلاً ، وأجزل له جزيل المثوبة آجلاً». ودعا له أبو جعفر الباقر عليهالسلام في مواقف شتّى في مثل أيام التشريق بمنى وغيرها ، متوجِّهاً إلى الكعبة بالاسترحام والاستغفار له غير مرّة ، وبقوله : «لا تزال مؤيّداً بروح القدس» تارةً أخرى ، ومن دعائه عليهالسلام له في أيّام البيض ما رواه الشيخ الأقدم أبو القاسم الخزّاز القمّي في كفاية الأثر في النصوص على الأئمّة الاثني عشر (١) بإسناده عن الكميت ، أنَّه قال : دخلت على
__________________
(١) كفاية الأثر : ص ٢٤٨.