وفهّمه بما هناك من الغاية الدينيّة المتوخّاة حين تعرّض لعبد الله بن رواحة ، لمّا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يطوف البيت على بعير ، وعبد الله آخذٌ بغرزه وهو يقول :
خلّوا بني الكفّارِ عن سبيلهِ |
|
خلّوا فكلُّ الخير مع رسولهِ |
نحن ضربناكمْ على تنزيلهِ |
|
ضرباً يُزيلُ الهامَ عن مقيلهِ |
ويُذهلُ الخليلَ عن خليلهِ |
|
يا ربِّ إني مؤمنٌ بقيلهِ |
فقال له عمر : أو هاهنا يا ابن رواحة أيضاً؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أو ما تعلمن ، أولا تسمع ما قال؟!».
وفي رواية أبي يعلى أنَّ النبيَّ قال : «خلِّ عنه يا عمر ، فو الذي نفسي بيده لكلامه أشدُّ عليهم من وقع النبل» (١).
وكان حسّان من المعروفين بالجبن ، ذكره ابن الأثير في أُسد الغابة (٢) (٢ / ٦) وقال : كان من أجبن الناس. وعدّه الوطواط في غرر الخصائص (٣) (ص ٣٥٥) من الجبناء وقال : ذكر ابن قتيبة في كتاب المعارف (٤) : أنّه لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهداً قطُّ. قالت صفيّة بنت عبد المطّلب عمّة رسول الله : كان معنا حسّان في حصن فارغ يوم الخندق مع النساء والصبيان ، فمرَّ بنا في الحصن رجلٌ يهوديّ ، فجعل يطوف بالحصن ـ وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله ، وليس بيننا وبينهم أحدٌ يدفع عنّا ، ورسول الله والمسلمون في نحور عدوِّهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا إن أتانا آتٍ. قالت : فقلت : يا حسّان أنا والله لا آمن أن يدلَّ علينا هذا اليهوديُّ أصحابه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد شغل عنّا ، فانزل إليه واقتله. قال : يغفر الله لكِ (يا بنت عبد المطّلب) ما أنا بصاحب شجاعة.
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٣٩١ [٩ / ٢٠٧ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ١٥٤]. (المؤلف)
(٢) أُسد الغابة : ٢ / ٧ رقم ١١٥٣.
(٣) غرر الخصائص : ص ٣٥٨.
(٤) المعارف : ص ٣١٢.