أن يصفد. وكذا قوله له في الثانية : «إنه حديد» ـ : «لأن يكون حديدا خير من
أن يكون بليدا».
وعن سلوك هذه
الطريقة في جواب المخاطب عبّر من قال مفتخرا : [حاتم الطائي]
أتت تشتكي
عندي مزاولة القرى
|
|
وقد رأت
الضيفان ينحون منزلي
|
فقلت كأنّي
ما سمعت كلامها :
|
|
هم الضيف
جدّي في قراهم وعجّلي
|
وسماه الشيخ
عبد القاهر مغالطة.
وأما الثاني
فكقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) [البقرة : الآية ١٨٩]. قالوا : ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم
يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلىء ويستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا ،
وكقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا
يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ
وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) [البقرة : الآية ٢١٥] ، سألوا عن بيان ما ينفقون ، فأجيبوا ببيان الصرف.
ومنه التعبير
عن المستقبل بلفظ المضيّ تنبيها على تحقق وقوعه ، وأن ما هو للوقوع كالواقع ،
كقوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ
فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ
شاءَ اللهُ) [النّمل : الآية ٨٧] ، وقوله : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ
الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ
أَحَداً) (٤٧) [الكهف : الآية ٤٧] ، وقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ
النَّارِ) [الأعراف : الآية ٥٠] ، وقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ
الْأَعْرافِ) [الأعراف : الآية ٤٨] جعل المتوقّع الذي لا بدّ من وقوعه بمنزلة الواقع ،
وعن حسّان أن ابنه عبد الرحمن لسعه زنبور ، وهو طفل ، فجاء إليه يبكي ، فقال له :
يا بنيّ ما لك؟ قال : لسعني طويّر كأنه ملتف في بردى حبرة ، فضمّه إلى صدره ، وقال
: يا بني قد قلت الشّعر.
ومثله التعبير
عنه باسم الفاعل كقوله تعالى : (وَإِنَّ الدِّينَ
لَواقِعٌ) (٦) [الذّاريات : الآية ٦] وكذا اسم المفعول ، كقوله تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ
وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) [هود : الآية ١٠٣].
ومنه القلب ،
كقول العرب : عرضت الناقة على الحوض ، وردّه مطلقا قوم ، وقبله مطلقا قوم منهم
السكاكي ، والحق إنه إن تضمّن اعتبارا لطيفا قبل ، وإلا ردّ.
أما الأول
فكقول رؤبة : [بن العجاج]
ومهمه مغبرّة
أرجاؤه
|
|
كأنّ لون
أرضه سماؤه
|
__________________