تردّى ثياب الموت حمرا ، فما أتى |
|
لها الليل إلا وهي من سندس خضر (١) |
وقول ابن حيّوس : [محمد بن سلطان]
طالما قلت للمسائل عنكم |
|
واعتمادي هداية الضّلال (٢) |
إن ترد علم حالهم عن يقين |
|
فالقهم يوم نائل أو نزال |
تلق بيض الوجوه ، سود مثار النّ |
|
قع ، خضر الأكناف ، حمر النّصال |
وقول الحريري : «فمذ ازورّ المحبوب الأصفر ، واغبرّ العيش الأخضر ، واسودّ يومي الأبيض ، وابيضّ فودي الأسود ، حتى رثى لي العدوّ الأزرق ، فيا حبّذا الموت الأحمر».
ومن الناس من سمى نحو ما ذكرناه تدبيجا ، وفسره بأن يذكر في معنى من المدح أو غيره ألوان بقصد الكناية أو التورية.
أما تدبيج الكناية فكبيت أبي تمام ، وبيتي ابن حيّوس.
وأما تدبيج التورية ، فكلفظ الأصفر في قول الحريري.
ويلحق بالطباق شيئان : أحدهما : نحو قوله تعالى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : الآية ٢٩] فإن الرحمة مسبّبة عن اللين الذي هو ضد الشدة ، وعليه قوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) [القصص : الآية ٧٣] فإن ابتغاء الفضل يستلزم الحركة المضادة للسكون ، والعدول عن لفظ الحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل لأن الحركة ضربان : حركة لمصلحة ، وحركة لمفسدة ، والمراد الأولى لا الثانية.
ومن فاسد هذا الضرب قول أبي الطيّب :
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها |
|
سرور محبّ أو إساءة مجرم (٣) |
فإن ضد المحب هو المبغض ، والمجرم قد لا يكون مبغضا ، وله وجه بعيد.
والثاني : ما يسمى إيهام التضادّ كقول دعبل : [بن علي الخزاعي]
لا تعجبي يا سلم من رجل |
|
ضحك المشيب برأسه ؛ فبكى (٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو في ديوان أبي تمام ٢ / ١٨٧.
(٢) الأبيات من الخفيف ، والبيتان الثاني والثالث لابن حيوس في الإشارات والتنبيهات ص ٢٣٧.
(٣) البيت من الطويل ، وهو في ديوان المتنبي ٢ / ٢٢٤.
(٤) البيت من الكامل ، وهو لدعبل الخزاعي في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١ / ٩٨.