إثباتها مشرّفة ، كما جعل للشّمال يدا ، ليكون أبلغ في تصييرها متصرّفة ،
فوفّى المبالغة حقّها من الطرفين ؛ فالضمير في «أصبحت» و «زمامها» للقرّة ، وهو
قول الزمخشري. والشيخ عبد القاهر جعله للغداة ، والأول أظهر.
واعلم أن الأمر
المختص بالمشبه به المثبت للمشبه ، منه ما لا يكمل وجه الشبه في المشبه به بدونه ،
كما في قول أبي ذؤيب الهذلي : [خويلد بن خالد]
وإذا المنيّة
أنشبت أظفارها
|
|
ألفيت كلّ
تميمة لا تنفع
|
فإنه شبه
المنية بالسبع ، في اغتيال النفوس بالقهر والغلبة من غير تفرقة بين نفّاع وضرّار ،
ولا رقّة لمرحوم ، ولا بقيا على ذي فضيلة ؛ فأثبت للمنية الأظفار التي لا يكمل ذلك
في السبع بدونها ؛ تحقيقا للمبالغة في التشبيه.
ومنه ما به
يكون قوام وجه الشبه في المشبه به ، كما في قول الآخر :
ولئن نطقت
بشكر برّك مفصحا
|
|
فلسان حالي
بالشّكاية أنطق
|
فإنه شبه الحال
الدالة على المقصود بالإنسان متكلّم في الدلالة ؛ فأثبت لها اللسان الذي به قوام
الدلالة في الإنسان.
وأما قول زهير
:
صحا القلب عن
سلمى وأقصر باطله
|
|
وعرّي أفراس
الصّبا ورواحله
|
فيحتمل أن يكون
استعارة تخييلية ، وأن يكون استعارة تحقيقية.
أما التخييل
فأن يكون أراد أن يبيّن أنه ترك ما كان يرتكبه أوان المحبة من الجهل والغيّ وأعرض
عن معاودته ، فتعطّلت آلاته كأيّ أمر وطّنت النفس على تركه ، فإنه تهمل آلاته
فتتعطّل ؛ فشبه الصبا بجهة من جهات المسير ـ كالحج والتجارة ـ قضي منها الوطر ،
فأهملت آلاتها ، فتعطلت ؛ فأثبت له الأفراس والرواحل ؛ فالصبا على هذا من الصّبوة
بمعنى الميل إلى الجهل والفتوّة لا بمعنى الفتاء.
__________________