ومثل ما سبق : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) [الواقعة : ٩٠ ـ ٩٣].
ويبدو أن الأمر فى هذه القضية أن جواب الشرط المذكور ما هو إلا جواب لحرف الشرط (إن) التالى لأما ، وإن شئت جعلته جوابا لأمّا كذلك ، أى : فهو جواب للاثنين معا ؛ ذلك لأن (أما) لا يهمها من ذلك ـ تركيبيا ـ إلا أن يكون بينها وبين ما نعتقد أنه جوابها فاصل ، ثم لا بد من ذكر الفاء فى صدر هذا الجواب ، والحقيقة أن هذا الجواب ما هو إلا جواب لما يليها ، سواء أكان مبتدأ ، أم مفعولا ، أم غيرهما ، ولذلك فإنه إذا وقع بعدها مبتدأ فإننا نعرب ما هو جوابها خبرا لهذا المبتدإ ، نحو : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٢٦] ، حيث الاسم الموصول (الذين) مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية المصدرة بالفاء (فيعلمون) ، وهى فى الوقت نفسه جواب لأما ، كذلكم جملة الجواب المذكورة جواب لـ (إن) المذكورة بعد (أما) ، وهو بمثابة خبر المبتدإ المذكور بعدها ، وهو فى الوقت نفسه جواب (أمّا) ، وتحقق بذلك خصائص تركيب (أما) ، وهى : وجود فاصل بينها وبين فائها ، وهو حرف الشرط وجملة الشرط ، فهما بمثابة ركن واحد ، ثم ذكر الفاء بعد هذا الفاصل.
ومنه قول الشاعر :
إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا |
|
منّا معاقل عزّ زانها كرم |
الشرط الأول (إن تستغيثوا) ، والشرط الثانى (إن تذعروا) ، وجملة الجواب للاثنين (تجدوا) ، وأفعال جملها مضارعة مجزومة ، وعلامة جزمها حذف النون.
ولنلحظ قوله تعالى : (قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) [الكهف : ٨٧] ، حيث (من) اسم موصول فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية المصدرة بالفاء وحرف الاستقبال (فسوف نعذبه) ، وهو جواب (أما).
وأرى أنه قد نحتسب التركيب الشرطىّ فى المواضع السابقة فى محلّ رفع ، خبرا للمبتدإ المذكور بعد (أما) ، والتقدير : فأما المتوفىّ إن كان ... فسلام .. وهو