ثانيهما : أن هذا جائز ؛ لأن الحول محدودة ، فهى نكرة محدودة ، لها أول وآخر ، و (كل) من ألفاظ الإحاطة ، فالتوكيد بها لمثل هذه النكرة المحدودة فيه إفادة معنى ، وهو ما يذهب إليه الكوفيون.
تاسعا : التوكيد بأجمع دون (كل):
ورد فى استشهادات بعض النحاة ما يدل على التوكيد بأجمع وتوابعها بدون سبقها بكلّ ، أو بدون سبق التوابع بأجمع.
ومن ذلك قول الشاعر :
إنّا إذا خطّافنا تقعقعا |
|
قد صرّت البكرة يوما أجمعا (١) |
حيث أكد النكرة (يوما) بـ (أجمع) ، دون سبقه بكلّ وهو شرط ، ففيه خروجان : توكيد النكرة بلفظ من ألفاظ التوكيد ، والتوكيد بأجمع دون سبقة بكل.
ومنه قول الآخر :
يا ليتنى كنت صبيا مرضعا |
|
ترضعنى الذلفاء حولا أكتعا |
إذا بكيت قبّلتنى أربعا |
|
ذا ظللت الدهر أبكى أجمعا (٢) |
فأكد النكرة (حولا) بلفظ التوكيد (أكتع) وأكد بدون ذكر (أجمع). ولا (كل) ، وهو شرط فى التوكيد بهذه الألفاظ كما أنه أكّد فى البيت الثانى بأجمع دون سبقه بكلّ.
__________________
(١) شرح جمل الزجاجي لابن عصفور ١ ـ ٢٦٨ / المقرب ١ ـ ٢٤٠ / شرح ابن الناظم ٥٠٧ / المساعد ٢ ـ ٣٨٨ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ٢١١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٧٨ / شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٧٦٥. صرت : صوتت ، البكرة : ما يستقى عليه.
(٢) الجمل ١٩١ / البسيط فى شرح الجمل ١ ـ ٣٨٠ / المقرب ١ ـ ٢٤٠ / شرح الرضى على الكافية ١ ـ ٣٣٥ شرح ابن الناظم ٥٠٥ / المساعد ٣ ـ ٢٩١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٧٦ / شرح اللمحة البدرية ٢ ـ ١٨٩. الذلفاء : اسم امرأة مأخوذ من الذلف ، وهو صغر الأنف واستواء الأرنبة ، أكتعا : تاما. المنادى محذوف تقديره : يا قوم. جملة (كنت صبيا) فى محل رفع خبر ليت ، (ترضعني الذلفاء) جملة في محل نصب ، نعت ثان لصبى. (حولا) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أربعا) نائب عن المفعول المطلق منصوب ، والتقدير : أربع قبلات ، (إذا) حرف جواب وجزاء لشرط محذوف ، والتقدير : إن لم يكن ما أريد إذن أبكى الدهر ، (الدهر) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أبكى) جملة فى محل نصب ، خبر ظل.