في قوله : وأَنْعما» ، أي زادا على ذلك ، يقال : قد أحسنتَ إليّ وأنعمت ، أي زدت على الإحسان ، ودققتُ دواء فأنعمتُ دقّه ، أي بالغت وزدت ؛ وأنشد ابن الأعرابي :
سمين الضواحي لم تؤرِّقه ليلةً |
وأنعم أبكارُ الهُمُوم وعونُها |
الضواحي : ما بدأ من جسده ، لم تؤرقه ليلةً أبكار الهموم وعونها وأنعم ، أي وزاد على هذه الصفة.
وقال أبو عمرو : أبكار الهموم : ما فجئَك وعُونها : ما كان همّاً بعد همّ. وحرب عَوَان إذا كانت بعد حرب كانت قبلها.
ويقال : جارية منعَّمة ومناعَمَة ، أي مترَفة.
ونعّم فلان ولده إذا ترَّفهم.
ويقال : ناعِمْ حبلَكَ وغيره ، أي أُحْكِمْهُ. والتنعيم : موضع يقرب من مكة. والنَّعامة هذا الطائر يجمع نَعَاماً ونعامات ونعائم.
الأصمعي : ومن أسماء الجَنُوب النُّعامى على فُعالَى.
وقال الليث : النَّعَام بغيرها : الظليم ، والنعامة الأنثى. قلت : وجائز أن يقال للذكر نعامة بالهاء ، وكذلك الأنثى يقال لها نعامة.
أبو عبيد عن أبي زيد : الزُّرْنُوقَان : منارتان تبنيان على رَأُسِ البئر ، والنعامة : الخشبة المعترِضة على الزُرنوقين ، ثم تعلّق القامة وهي البَكَرَةُ من النّعامة ، فإن كانت الزرانيق من خشب فهي دِعَمٌ.
وقال أبو الوليد الكلابيّ : إذا كانتا من خشب فهما النعامتان ، قال والمعترضة عليهما هي العَجَلة ، والغَرْبُ معلَّق بها.
قلت : وقد تكون النعامتان خشبتين يضم طرفاهما الأعليان ويُرْكَزُ طرفاهما الأسفلان في الأرض ، أحدهما من هذا الجانب ، والآخر من الجانب الآخر ويُصْقعان بحبل ثم يُمَدُّ طرفا الحبل إلى وتدين مثبتين في الأرض أو حجرين ضخمين وتعلّق القامة بين شُعْبَتَيْ النعامتين.
وقول الله جلّ وعزّ : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] ، ومثله : (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) [النِّساء : ٥٨].
قال أبو عبيد : قرأ أبو جعفر وشَيْبَة ونافع وعاصم وأبو عمرو : (فنِعْما) بكسر النون وجَزْم العين وتشديد الميم ، وقرأ حمزة والكسائي : (فَنَعِمَّا) بفتح النون وكسر العين.
وذكر أبو عبيد حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قال لعمرو بن العاص : «نَعِمَّا بالمال الصالح للرجل الصالح» ، وأنه يختار هذه من أجل هذه الرواية.
وقال الزّجاج : النحويّون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكين العين ويقولون إن هذه الرواية في (نعما) ليست بمضبوطة.
ورُوي عن عاصم أنه قرأ : (فَنِعِمَّا) بكسر النون والعين.
وأما أبو عمرو فكان مذهبه في هذه كسرة خفيفة مختلسة.
والأصل في نعْم ، ونِعِم ثلاث لغات. وما في تأويل الشيء في نِعِمَّا ،