فلم يصغ إليه ، فأدركه الليل وقد تجاوز نهر بشير ببز دجيل فباتوا هناك فلما أصبحوا حملت عليهم عساكر المغول وقاتلوهم قتالا شديدا ، فلم يثبت عساكر الدويدار ، فانكسروا وكروا راجعين إلى بغداد فوجدوا نهر بشير قد فاض من الليل وملأ الصحراء فعجزت الخيول عن سلوكه ، ووحلت فيه ، فلم يخلص منه إلا من كانت فرسه شديدة ، وألقى معظم العسكر نفسه في دجلة فهلك منهم خلق كثير ، ودخل من نجا منهم بغداد مع الدويدار على أقبح صورة ، وتبعهم الأمير بايجو وعسكره يقتلون فيهم ، وغنموا سوادهم وكل ما كان معهم ، ونزلوا بالجانب الغربي ، فشرعوا بالرمي بالنشاب إلى الجانب الشرقي ، فكانت سهامهم تصل الدور الشطانية ا ه (١).
أما هلاكو فقد توجه من خانقين إلى بغداد ونزل في شرقيها في ١١ المحرم سنة ٦٥٦ ه ١٢٥٨ م وكان العسكر المغولي منتشرا في اطراف بغداد كالجراد وقد توغل في هذه الأنحاء ونصبوا المنجنيقات حوالي بغداد.
وفي يوم الثلاثاء ٢٢ المحرم ابتدأوا بالحرب واشتبكوا في القتال. وكان جيش هلاكو قد اتخذ مقره وسار هلاكو من (طريق خراسان) من نواحي الخالص متوجها على ميسرة المدينة وهدفه (برج العجمي) (٢). وكان هدف ايلكا نويان ، نحو باب كلواذى ، وقولى ، وبلغا ، وتوتار ، وشيرامون ، وأرقيو ، كانت وجهتهم وسط المدينة باب سوق السلطان (الباب الوسطاني).
__________________
(١) الحوادث الجامعة سنة ٦٥٦ ه ومثله في الفخري.
(٢) هذا البرج لا يزال معروفا وأصله أن الشيخ عبد القادر الكيلاني كان يلزم الخلوة فيه فسمي برج العجمي نسبة إليه ... كما في بهجة الأسرار و«مقام الشيخ» هناك كان معروفا إلى أيام احتلال بغداد على يد الانجليز والآن محله معروف إلا أنه اندرس وزال بناؤه ...