يحكى أن الخواجه نصير الدين الطوسي عرض على هلاكوخان أن السلطان جلال الدين خوارزمشاه الذي كان قد انهزم من استيلاء المغول ولما وصل إلى تبريز أخذ جنده يمدون الأيدي ويتطاولون على الرعايا فطلب منه لزوم تأديبهم وعرض له عن هذه الحالة فقال :
إننا في هذا الوقت نشتغل في الفتح والاستيلاء لا في حراسة الملك وإن حالة الاستيلاء لا يلتفت فيها إلى أحوال الرعايا ... ولما كنا لم نتم الاستيلاء فلا نراعي ذلك. ولكننا بعد أن تنتهي الفتوح نصغي إلى سماع شكاوى الناس وتظلمهم.
وأما ما تفضل به السلطان هلاكو فهو :
«أنه بحمد الله تعالى قد استولى وملك ولا يزال مع الطغاة في حالة الحرب ومع المطيعين في حالة العدل» ، لا كجلال الدين فإنه في حالة ضعف وعجز لم يكن فاتحا (جهانكير) فحسب ، ولا مالكا لزمام الادارة وحدها (جهاندار) ...
وهذه توضح أوضاعهم وحالاتهم السياسية والحربية بصورة جلية.
والحاصل أن هلاكو خان بعد هذا توجه إلى ديار الشام واستولى على حلب ومدن كثيرة من سورية وكل هذا الدور هو زمن حروب واستيلاء كما تقدم ...
اثر سقوط بغداد في النفوس
كانت بغداد إلى حين سقوطها على يد هلاكو تعتبر عاصمة العالم الاسلامي ومركز خلافته لمدة تزيد على خمسمائة سنة ولم تفقد مكانتها العظمى وسيطرتها الدينية والعلمية والصناعية والأدبية وإن حصل اعتلال في السياسة في غالب الأحيان وكان قد حاول خوارزمشاه محمد إلغاء الخلافة ، ورفع الخطبة ... فلم يفلح كما مرّ ذلك فيما سبق.