وأما تعلّقهم فيها من الكتاب العزيز فبقوله تعالى أنه قال : (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ).
وليس لهم حجّة في هذا القول ، فإن الأنبياء عليهمالسلام ، إذا مسّهم ضرّ نسبوه إلى الشّيطان ، على جهة الأدب مع الحق ، سبحانه ، لئلاّ (١) ينسبوا له فعلا يكره ، مع علمهم أنّ كلاّ من عند الله.
قال الخليل عليهالسلام : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء : ٢٦ / ٨٠].
وقال الخضر عليهالسلام : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) [الكهف : ١٨ / ٧٩].
وقال الكليم عليهالسلام : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) [القصص : ٢٨ / ١٥].
وقال فتاه عليهالسلام : (وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ) [الكهف : ١٨ / ٦٣].
وقال نبينا صلىاللهعليهوسلم (٢) : «والخير كلّه في يديك ، والشر ليس إليك».
يعني ليس إليك يضاف وصفا لا فعلا ، وإن كان الفعل كلّه من عند الله.
وقال تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران : ٣ / ٢٦].
فخرج من مجموع ما ذكرناه أن تعلّقهم بالآية في كل ما زوّروه من الأقاصيص غير صحيح.
فصل
[استطراد إلى قصّة مريم وتبيين أنّ مقامها عند هزّ الجذع ليس أقلّ من مقامها في الغرفة].
__________________
(١) في الأصل المخطوط : ألا. وقد سبق للناسخ أن صحّف مثل هذه الكلمة.
(٢) في صحيح مسلم ١ / ٥٣٥ من حديث طويل برواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.