فصل [قصّة نبيّ الله داود عليهالسلام]
فأمّا قصّة داود عليهالسلام فهي مذكورة على الكمال مفصّلة في قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) إلى قوله (١) : (وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) [ص : ٣٨ / ٢٤].
قال تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) الآية.
اعلم ـ رحمك الله ـ أنّ استفهام الله تعالى لخلقه لا يجوز أن يحمل على حقيقة الاستفهام لوجوب إحاطة علمه تعالى بجميع المعلومات على أتمّ التّفصيل ، فلم يبق إلا أن يكون الاستفهام هنا بمعنى التّقرير والتّنبيه لنبيّه ـ عليهالسلام ـ ليتهيّأ لقبول الخطاب ، وليتفهّم ما يلقى إليه من غرائب العلم وعجائب الكائنات ، وأمّا إفراد الخصم وهما خصمان ، فالعرب تسمّي الواحد بالجمع والجمع بالواحد على وجه ما ، فتقول : (خصما) للواحد والجمع (٢) ، كما تقول (ضيفا) للواحد والجمع ، وقال الله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) [الذاريات : ٥١ / ٢٤ ـ ٢٥] ، فسمّاهم باسم الواحد ونعتهم بالجمع في قوله : (الْمُكْرَمِينَ) ، وكذلك (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ).
__________________
ـ
فشدّ ولم يفزع بيوتا كثيرة |
|
لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم |
وفي اللّسان : أم قشعم : المنيّة ، والحرب.
(١) قال تعالى في سورة ص : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ، إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ* إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ* قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) [ص :٣٨ / ٢١ ـ ٢٤].
(٢) في اللسان : (خ ص م) : قوله عزّ وجلّ (خَصْمانِ) أي نحن خصمان. قال : و (الخصم) يصلح