فصل
[في نبوّة آدم عليهالسلام ، متى كانت؟]
وأوّل ما ينبغي أن نقدّم أنّ آدم ـ عليهالسلام ـ لم يكن عند ما أكل من الشّجرة نبيّا ، والعصمة لا تشترط للنبيّ إلا بعد ثبوت النبوّة له. فمن النّاس من ذكر الإجماع على أنّه لم يكن نبيّا عند ما أكل من الشجرة ، ومنهم من اكتفى بظاهر قوله تعالى : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ) [طه : ٢٠ / ١٢٢] ، وهذا عطف ب (ثم) ، التي تعطي المهلة ، ثم ذكر الاجتباء والهداية.
والاجتباء هنا : النّبوة : بدليل قوله تعالى في سورة مريم عليهاالسلام ، عند ما عدّد الأنبياء ، عليهمالسلام ، ومناقبهم على التّفصيل ، قال : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا) [مريم : ١٩ / ٥٨] يعني من النّبيّين أجمعهم.
وقال في قصة يونس ـ عليهالسلام ـ بعد قصة الحوت : (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) [القلم : ٦٨ / ٥٠] وهذا وجه من الوجوه يثبت أكله من الشجرة قبل نبوته.
فصل
[في نهي آدم عليهالسلام عن الشجرة]
والذي ينبغي أن يعوّل عليه في قصة آدم ، عليهالسلام ، أنّ نهيه عن الشجرة كان نهي إرشاد وإعلام على جهة الوصيّة والنّصيحة لا على جهة التّكليف ، فإنّه ما صحّ تكليفه في الجنّة ، ولا نبوّته ، لا في كتاب ولا سنة. والأوامر والنّواهي تنقسم إلى مشروع وغير مشروع ، كالأوامر اللّغوية ، فإن السّيّد قد يقول لعبده ، والأخ لأخيه ، والصّاحب لصاحبه على جهة الإعلام والإرشاد والنّصيحة : افعل كذا ، واترك كذا تسلم من كذا وتظفر بكذا ، وكذلك أوامر الأطبّاء للعليل بالحمية والدّواء والغذاء إلى غير ذلك.