بعلها؟ فأخبرته أنّه أوريا ، فأرسل إليه فسأله أن ينزل له عنها بطلاقها ، فأبى ، فأمره بالخروج إلى الغزو ، وأرسل إلى صاحب الجيش أن يغزيه ويقدّمه للقتال في كلّ مأزق. ففعل صاحب الجيش به ذلك مرّات حتى قتل. فلمّا بلغ داود ـ عليهالسلام ـ أنّه قتل ، أرسل إليها ليتزوّجها فأسعفته ، فتزوّجها ، وكان له مائة امرأة إلا واحدة فأتمّ بها المائة. فأرسل الله إليه إذ ذاك الملائكة فاختصموا عنده ، فأفتاهم بما يؤول دركه عليه (١) ، فخصموه (٢). ثم قال أحدهما للآخر : قم : فقد حكم الرّجل على نفسه! وصعدا إلى السّماء وهو ينظر إليهما ، فتفطّن إذ ذاك أنّهم ملائكة وأنّه فتن وأخطأ ، فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب.
فهذه من أقوالهم أقلّ شناعة وبشاعة ممّا سواها من الأقوال في كتب القصص والتّواريخ ، وبعض التّفاسير الفاسدة!
فصل
[ما يعول عليه في قصص الأنبياء]
والّذي ينبغي أن يعوّل عليه في هذه القصّة وما يضاهيها (٣) من القصص ، ما جاء به الكتاب العزيز ، أو ما صحّ عن الرّسول ـ عليهالسلام ـ من الخبر ، وما سوى ذلك فيطرح هو ومختلقه وراويه إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم (٤).
__________________
(١) يؤول : يرجع. والدّرك : التّبعة ، أي : ترجع تبعة فتواه عليه.
(٢) خصموه : غلبوه في مجادلتهم ومحاورتهم.
(٣) يقال : ضاهى (يضاهي) ، وضاها (يضاهئ) أي شابه ، وماثل وفي سورة التوبة : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ، وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة : ٩ / ٨].
فمعنى (يضاهئون) : يشابهون.
(٤) أي إلى الموت والهلاك! وهذه الكناية وردت في معلقة زهير :