وتسمية النّساء نعاجا لتأنيثهنّ وضعفهن (١) ، و (أَكْفِلْنِيها) كناية عن نكاحها (٢) ، (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) بمعنى غلبني (٣) ، وهذا آخر خطاب الخصم ، فقال له داود ـ عليهالسلام ـ : (لَقَدْ ظَلَمَكَ) ثم قيّد الظلم بسؤال النّعجة إذ قال لهم : (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ) [ص : ٣٨ / ٢٤] ، وهذا آخر خطابه للخصم.
فصل
[تخريج ما اعتمدوا عليه في قصّة داود] [عليهالسلام]
اعلموا ـ أحسن الله إرشادنا وإيّاكم ـ أنّ كل من تكلّم في هذه القصة بما صحّ في حقّ داود ـ عليهالسلام ـ وبما لم يصحّ إنما بنوه على أسّ هذه الخمس كلمات التي هي : (أَكْفِلْنِيها) ، (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) ، و (لَقَدْ ظَلَمَكَ) ، و (لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) ، (وَقَلِيلٌ ما هُمْ). وهي بحمد الله تخرّج له على مذهب أهل الحقّ ، بأجمل ما ينبغي له وأكمله ، والله المستعان.
فأوّل ما ينبغي أن نقدّم قبل الخوض في هذه المسائل وما يضاهيها ، ثلاث مقدّمات.
__________________
(١) والعرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة ـ لما هي عليه من السكون والعجز وضعف الجانب ـ وقد يكنّى عنها بالبقرة والحجرة والنّاقة.
(٢) قيل في التفسير وجوه تتقارب.
ـ قيل أي انزل لي عنها حتى أكفلها.
ـ وقال ابن عباس : أعطنيها.
ـ وعنه أيضا أي تحوّل لي عنها (اتركها لي) ، وقاله ابن مسعود.
ـ وقال ابن كيسان : اجعلها كفلي ونصيبي.
(٣) قال ابن العربي : قيل معناه ببيانه ، وقيل غلبني بسلطانه لأنه لما سأله لم يستطع خلافه.